للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاتُه (١)؛ لأنّه ليس عندَهم من فرائضِ الصلاة. وقد رُوِيَ عن ابنِ عمرَ أنَّه كان لا يُكبِّرُ إذا صلَّى وحدَه (٢). قال إسحاقُ بنُ منصورٍ: سمِعتُ أحمدَ بنَ حنبل يقولُ: يُروَى عن ابنِ عمرَ أنَّه كان لا يُكبِّرُ إذا صلَّى وحدَه. قال أحمدُ: وأحَبُّ إليَّ أنْ يُكبِّرَ إذا صلَّى وحدَه في الفرائض، وأمّا في التَّطوُّع فلا.

قال أبو عُمر: لا يحكي أحمدُ عن ابنِ عمرَ إلّا ما صحَّ عندَه (٣)، وأمّا روايتُه عن مالكٍ، عن نافع، عن ابنِ عمرَ، أنَّه كان يُكبِّرُ في الصلاةِ كلَّما خفَض ورفَع (٤). فيدلُّ ظاهرُها على أنَّه كذلك كان يفعلُ، إمامًا أو غيرَ إمام، واللهُ أعلمُ.

وقال إسحاقُ: قلتُ لأحمدَ بنِ حنبلٍ: ما الذي نقَصوا من التكبير؟ قال: إذا انحطَّ إلى السجودِ من الرُّكوع، وإذا أرادَ أنْ يَسجُدَ السجدةَ الثانيةَ من كُلِّ ركعةٍ.


(١) هذا إن تركه سهوًا، وأما إن تركه عمدًا، فالذين قالوا هو فرض كأحمد وإسحاق، أوجبوا عليه الإعادة. انظر: شرح ابن رجب على البخاري ٧/ ١٤١. ونقل روايةً عن أحمد أنه لا يعيدها سواء تركه عمدًا أو سهوًا، ورواية ثالثة أنها فرض في حق غير المأموم وأما المأموم فتسقط عنه بالسهو.
(٢) أخرجه ابن المنذر في الأوسط (٢٢٠٣) لكن بلفظ: عن ابن عمر أنه كان إذا صلى وحده في أيام التشريق لم يُكبّر.
(٣) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ٢٢/ ٥٨٩: غلط ابن عبد البر فيما فهم من كلام أحمد، فإن كلامه إنما كان في التكبير دبر الصلاة أيام العيد الأكبر، لم يكن التكبير في الصلاة، ولهذا فرق أحمد بين الفرض والنفل، فقال: أحب إليّ أن يكبر في الفرض دون النفل، ولم يكن أحمد وغيره يُفرِّقون في تكبير الصلاة بين الفرض والنفل، بل ظاهر مذهبه أن تكبير الصلاة واجب في النفل كما أنه واجب في الفرض.
(٤) لم نقف عليه من حديث مالك، عن نافع، عن ابن عمر بهذا اللفظ، وإنما أخرجه ابن أبي شيبة (٢٤٩٧)، من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يُتم التكبير. وهما بمعنًى. وجاء في الموطأ ١/ ١٢٦ (٢٠٠) من حديث سالم، عن ابن عمر، باللفظ الذي ذكره ابن عبد البر.

<<  <  ج: ص:  >  >>