للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندَ مالكٍ وأصحابِه إنْ فعَله قبلَ السلام، والذي يستحبُّونه: بعدَ السلام في ذلك (١). واحتجَّ قائلو هذا القولِ بأنَّ ذلك منصوصٌ في حديث أبي هريرةَ هذا، كذا رواه محمدُ بنُ إسحاقَ (٢) ومحمدُ بنُ عبدِ الله بن مسلم ابنُ أخي الزُّهريِّ (٣)، جميعًا عن الزُّهريِّ بهذا الإسناد، عن أبي سلمةَ، عن أبي هريرةَ، قالا فيه: "فلْيسجُدْ سجدتين وهو جالسٌ". وهو قولٌ مُجملٌ مُحتمِلٌ للتَّأويل، لكنَّه قد يتبيَّن في روايةِ ابن أخي الزُّهريِّ وابنِ إسحاقَ، عن ابن شهابٍ. قالوا: هذا على أنَّ الأغلبَ في ظاهرِ حديثِ مالكٍ أنَّهما قبلَ السَّلام. وقال أبو داودَ: رواه ابنُ عيينة (٤)، ومعمرٌ (٥)، اللَّيثُ (٦) كما رواه مالكٌ؛ لم يقولوا: قبل التَّسليم.

قال أبو عُمر: وقال آخرون في هذا الموضع: بل يسجدُهما بعدَ السَّلام، وممَّن قال ذلك مالكٌ رحمه الله، وحُجَّةُ مَن قال ذلك أنَّ عبدَ الله بن جعفرٍ


(١) انظر: المنتقى للباجي ١/ ١٨٣.
(٢) إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار المطلبي - وقد صرح بالسماع عند أبي داود وغيره.
وأخرجه أبو داود (١٠٣٢)، وابن ماجة (١٢١٦)، والبيهقي ٢/ ٣٣٩ من طريقين عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
(٣) إسناده حسن من أجل ابن أخي الزهري.
وأخرجه أبو داود (١٠٣١)، ومن طريقه البيهقي ٢/ ٣٣٩ من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن ابن أخي الزهري، به.
وقال العلائي فيما نقله عنه ابن حجر في فتح الباري ٣/ ١٠٤: هذه الزيادة في هذا الحديث بمجموع هذه الطرق لا تنزل عن درجة الحسن المحتج به، والله أعلم.
(٤) أخرجه مسلم (٥٦٩) (٨٢) عن عمرو الناقد وزهير بن حرب، كلاهما عن ابن عيينة، به.
(٥) أخرجه عبد الرزاق (٣٤٦٥)، وعنه أحمد ١٣/ ٢٢٤ (٧٨٢٢) عن معمر - وهو ابن راشد، عن الزهري، به، وإسناده صحيح.
(٦) أخرجه مسلم (٥٦٩) (٨٢) عن قتيبة بن سعيد ومحمد بن رمح، كلاهما عن الليث - وهو ابن سعد - عن الزهري، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>