للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّه قد مَلَك رقبَتَها، وشَرْطُ المُعطي، وذكْرُه العُمْرَى والحياةَ باطلٌ؛ لأنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أبطَل شَرطَه، وجعَلَها بتلَةً للمُعْطَى، وسواءٌ قال: هي ملكُك حياتَكَ، أو: هي لكَ ولعَقِبِكَ بعدكَ عُمْرَى حَياتَهم، أو ما عِشْتَ، أو عاشُوا. كلُّ ذلك باطِلٌ؛ لأنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أبْطَل الشرطَ في ذلك، وإذا بطَلَ شرطُه لنفسِه في حياةِ المُعْمَرِ، فكذلك في حياةِ عَقِبِه؛ الشرطُ أيضا باطلٌ، وكُلُّ شَرطٍ أبطَله اللهُ أو رسولُه - صلى الله عليه وسلم - فهو مَردُودٌ، لأنَّ في إنفاذِه تحليلَ الحرام، وقد قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمنون على شُروطِهم، إلَّا شَرطًا أحَلَّ حرامًا أو حرَّم حلالًا" (١)، وقال: "كلُّ شَرطٍ ليس في كتابِ الله فهو باطلٌ" (٢). يعني: ليس في حُكم الله وفيما أباحَه اللهُ


(١) أخرجه الترمذي (١٣٥٢)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٩٠، والطبراني في المعجم الكبير ١٧/ (٣٠)، وابن عدي في الكامل ٦/ ٦١، والدارقطني ٣/ ٤٢٦ (٢٨٩٢)، والحاكم ٤/ ١٠١، والبيهقي في معرفة السنن والآثار ١٠/ ٢٣٧ (١٤٣٤٩)، وفي السنن الكبرى ٦/ ٧٩ و ٧/ ٢٤٩ من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، عن جده. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. كذا قال مع أن كثير بن عبد الله قد تكلم فيه بكلام شديد، والترمذي تبع فيه شيخه البخاري رحمهما الله فقد كان يُحسِّن حديث كثير هذا، كما نقل عنه الترمذي في العلل الكبير (١٥٣) في أحاديث التكبير في العيدين: ليس في الباب شيء أصح من حديث كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده، وبه أقول، ثم سأله عن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في تكبير العيدين أيضًا فقال: هو صحيح أيضًا.
وأخرج أبو داود (٣٥٩٤)، وابن المنذر في الأوسط (٦٥١٠)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٩٠، وأبو بكر النيسابوري في زياداته على مختصر المزني (٢٩٢)، والدارقطني (٢٨٩٠)، والحاكم ٢/ ٤٩، والبيهقي ٦/ ٧٩ و ١٦٦ و ٧/ ٢٤٩ من طريق كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا أحلّ حلالًا أو حرّم حرامًا، وزاد فيه سليمان بن داود المهري شيخ أبي داود: "والمسلمون على شروطهم".
(٢) أخرجه مسلم (١٥٠٤) من حديث عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>