للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال: إنَّه لا يكونُ مستويًا على مكانٍ إلّا مقرونًا بالتكييف. قيل: قد يكونُ الاستواءُ واجبًا، والتكييفُ مرتفعٌ، وليس رفعُ التكييفِ يوجِبُ رفعَ الاستواء، ولو لَزِم هذا، لَزِم التكييفُ في الأزل؛ لأنَّه لا يكونُ كائنٌ في لا مكانٍ إلّا مقرونًا بالتكييفِ، وقد عَقَلْنا وأدرَكنا بحواسِّنا أنَّ لنا أرواحًا في أبدانِنا، ولا نعلمُ كيفيّةَ ذلك، وليس جَهْلُنا بكَيْفيّةِ الأرواح يُوجِبُ أنْ ليس لنا أرواحٌ، وكذلك ليس جَهْلُنا بكَيْفيّةِ "على عَرْشِه" يوجِبُ أنَّه ليس على عرشِه.

أخبرنا عبدُ الوارث بنُ سفيان، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ زهيرٍ، قال (١): حدَّثنا أبو عبدِ الله محمدُ بنُ عبدِ الله الخُزاعيُّ، قال: حدَّثنا حمّادُ بنُ سلمةَ، عن يعلى بن عطاءٍ، عن وكيعِ بنِ حُدُس (٢)، عن عمِّه أبي رَزينٍ العُقَيْليِّ، قال: قلت: يا رسولَ الله، أين كان ربُّنا تبارك وتعالى قبل أن يَخلُقَ السماءَ والأرض؟ قال: "كان ما فوقَه هواءً، وما تحتَه هواءً، ثم خلَق عرشَه على الماء" (٣).


(١) في تاريخه الكبير، وهو أول حديث فيه، كما قال ابن ناصر الدين في جامع الآثار في السير ومولد المختار ٢/ ٢٠٩.
(٢) هكذا سَمّاه حماد بن سلمة في روايته، وأما شعبة بن الحجاج وأبو عوانة وهشيم بن بشير فسموه: وكيع بن عُدُس، قال الترمذي: وهو أصح.
(٣) إسناده حسن كما قال الذهبي في العلو للعلي الغفار (٢٦)، وكيع بن حُدس - ويقال: عدس، كما بيّنّا - قال ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار: كان من الأثبات (ص ٢٠٠). قلنا: وحسّن حديثَه هذا الترمذيُّ وصححه ابنُ حيان.
وأخرجه أبو داود الطيالسي (١١٨٩)، وأحمد ٢٦/ ١٠٨ (١٦١٨٨)، وابن ماجة (١٨٢)، والترمذي (٣١٠٩)، وحرب بن إسماعيل في مسائله ٣/ ١١١٩، وابن أبي عاصم في السنة (٦١٢)، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة في العرش وما روي فيه ١/ ٣١٣ - ٣١٤، والطبري في تاريخه ١/ ٣٧، وفي تفسيره ١٢/ ٤، وابن حبان (٦١٤)، والطبراني في المعجم الكبير ١٩/ (٤٦٨)، وأبو الشيخ في العظمة (٨٣)، وابن أبي زمنين في أصول السنّة (٣١)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٨٠١) و (٨٦٤) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.

<<  <  ج: ص:  >  >>