للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: قال غيرُه في هذا الحديث: "كان في عَماءٍ، فوقَه هواءٌ، وتحته هواءٌ". والهاءُ في قوله: "فوقَه"، و"تحتَه" راجعةٌ إلى العَماء. وقال أبو عبيدٍ: العَماءُ هو الغَمامُ، وهو مَمدُودٌ. وقال ثعلبٌ: هو "عَمًى" مقصورٌ، أي: في عَمًى عن خلقِه. والمقصودُ الظُّلَمُ. ومَن عَمِي عن شيءٍ فقد أظْلَمَ عليه.

أخبَرنا أبو محمدٍ عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ عبدِ المؤمن، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ جعفرِ بنِ حمدانَ بنِ مالكٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الله بنُ أحمدَ بن حنبلٍ، قال: حدَّثني أبي، قال: حدَّثنا سُرَيجُ بنُ النُّعمان، قال: حدَّثنا عبدُ الله بنُ نافع، قال: قال مالكُ بنُ أنس: اللهُ عزَّ وجلَّ في السَّماء، وعِلْمُه في كلِّ مكانٍ، لا يخلُو منه مكانٌ (١).

قال: وقيل لمالك: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}. كيف استَوى؟ فقال مالكٌ رحمه الله: استِواؤُه معقولٌ، وكيفيّته مجهولةٌ، وسُؤالُكَ عن هذا بدعةٌ، وأراكَ رجلَ سُوءٍ (٢).

وقد رَوينا عن ربيعةَ بنِ أبي عبدِ الرحمن أنَّه قال في قول الله عزَّ وجلَّ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} مثلَ قولِ مالكٍ هذا سواءً (٣).

وأمّا احتجاجُهم بقوله عزَّ وجلَّ: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة: ٧] فلا حُجَّةَ لهم في ظاهر - هذه الآية؛ لأنَّ علماءَ الصحابةِ


(١) وهو في مسائل أبي داود لأحمد (١٦٩٩)، وفي مسائل صالح بن أحمد لأبيه (١٠٧٢)، وفي السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه (١١)، وفي مسائل حرب بن إسماعيل عن أحمد ٣/ ١١١٢.
(٢) أخرجه أبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان ٢/ ٢١٤، وابن المقرئ في معجمه (١٠٢٢)، واللالكائي في أصول الاعتقاد (٦٦٤)، وأبو نعيم في حلية الأولياء ٦/ ٣٢٥، والبيهقي في الأسماء والصفات (٨٦٦) و (٨٦٧)، وفي الاعتقاد ص ١١٦ من طرق عن مالك بن أنس.
(٣) أخرجه العجلي في الثقات (٤٦٦)، واللالكائي في أصول الاعتقاد (٦٦٥)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٨٦٨) من طريقين عن ربيعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>