قال: وحدَّثنا أحمدُ بنُ إبراهيمَ الدَّوْرَقيُّ، قال حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو الكِلابيُّ، قال: سمِعتُ وكيعًا يقول: كفَر بشرٌ المريسيُّ في صِفَتِه هذه، قال: هو في كلِّ شيءٍ. قيل له: وفي قَلَنْسُوتِكَ هذه؟ قال: نعم. قيل له: وفي جوفِ حمارٍ؟ قال: نعم. وقال عبدُ الله بنُ المبارك: إنّا لنَحْكِي كلامَ اليهودِ والنصارى، ولا نستطيعُ أنْ نَحكِيَ كلامَ الجَهْميّة.
وأمّا قولُه - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث:"يَنزِلُ ربُّنا تباركَ وتعالى إلى سَماءِ الدُّنيا" فقد أكثرَ الناسُ التَّنازُعَ فيه، والذي عليه جمهورُ أئمةِ أهلِ السُّنةِ أنَّهم يقولون: ينزلُ. كما قال رسولُ الله - صلي الله عليه وسلم -، ويُصَدِّقون بهذا الحديث، ولا يُكَيِّفُونَ، والقولُ في كيفيّة النزول كالقولِ في كيفيّةِ الاستواءِ والمَجيء، والحُجَّةُ في ذلك واحدة (١).
وقد قال قومٌ من أهلِ الأثرِ أيضًا: إنَّه ينزِلُ أمرُه، وتنزِلُ رحمتُه. ورُوِي ذلك عن حبيبٍ كاتبِ مالكٍ وغيرِه. وأنكَره منهم آخَرون، وقالوا: هذا ليس بشيءٍ؛ لأنَّ أمْرَه ورحمتَه لا يزالانِ ينزلان أبدًا في الليل والنَّهار، وتعالى المَلِكُ الجبّارُ الذي إذا أراد أمرًا قال له: كنْ، فيكونُ، في أيِّ وقتٍ شاءَ، ويختصُّ برحمتِه مَن يشاءُ متى شاء، لا إلهَ إلّا هو الكبيرُ المُتَعال.
وقد رَوَى محمدُ بنُ عليٍّ البَجَليُّ - وكان من ثقاتِ المسلمينَ بالقَيْروان - قال: حدَّثنا جامعُ بنُ سَوادَةَ بمصرَ، قال: حدَّثنا مُطَرِّفٌ، عن مالكِ بنِ أنسٍ، أنَّه سُئِل عن الحديث:"إنَّ اللهَ يَنزِلُ في الليلِ إلى سماءِ الدُّنيا"، فقال مالكٌ: يَتنزَّلُ أمرُه. وقد يحتمِلُ أن يكونَ كما قال مالكٌ رحمه الله على معنَى أنَّه تتنَزَّلُ رحمتُه وقضاؤُه بالعَفو والاستجابة، وذلك من أمرِه؛ أي: أكثرُ ما يكونُ ذلك في ذلك الوقت، واللهُ أعلمُ. ولذلك ما جاء فيه التَّرغيبُ في الدُّعاء. وقد رُوِيَ