للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروَى عبدُ الرَّزَّاق (١) وغيرُه، عن الثوريِّ، عن منصورٍ، عن إبراهيمَ، عن علقمةَ، قال: قال عبدُ الله: لعَن اللهُ الواشماتِ والمستوشماتِ، والمتنمِّصاتِ، والمتفلِّجاتِ للحُسنِ، المُغَيِّراتِ خلقَ الله. قال: فبلَغ ذلك امرأةً من بني أسدٍ يقالُ لها: أمُّ يعقوبَ، فقالت: يا أبا عبدِ الرحمن، بلغَني أنك لعَنتَ كيتَ وكيتَ. فقال: ومَا لي لا ألعنُ مَن لعَنه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، ومَن هو في كتاب الله؟ قالت: إني لأقرأُ ما بينَ اللَّوحينِ فما أجِدُه. قال: إن كنتِ قرأتِه لقد وجدتِه، أمَا قرأتِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧]. قالت: بلى. قال: فإنَّه قد نهَى عنه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. قالت: إني لأظُنُّ أهلَك يفعَلونَ بعضَ ذلك. قال: فاذهبي فانظُري. قال: فدخَلَت فلم ترَ شيئًا. قال: فقال عبدُ الله: لو كانت كذلك لم تجامعْنا (٢).

وقال ابنُ سيرينَ لرجلٍ سألَه، فقال: إنَّ أمِّي كانت تمشِّطُ النساء، أترى لي أن آكُلَ من مالِها، وأرثَه عنها؟ فقال: إن كانت تصِلُ، فلا. وهذا من وَرَعٌ من ابنِ سيرينَ (٣) رحِمه اللهُ.


(١) في مصنَّفه (٥١٠٣).
(٢) وأخرجه البخاري (٤٨٨٦) عن محمد بن يوسف الفريابي، و (٥٩٤٣) من طريق عبد الله بن المبارك، و (٥٩٤٨)، ومسلم (٢١٢٥) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ثلاثتهم عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٥٩٣١) و (٥٩٣٩)، ومسلم (٢١٢٥) من طريق جرير بن عبد الحميد، ومسلم (٢١٢٥) من طريق مفضل بن مهلهل، كلاهما عن منصور - وهو ابن المعتمر، به.
إبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي.
وقوله: تجامعنا، أي: تجتمع معنا. انظر: النهاية مادة (جمع).
والواشمة: هي التي تفرز الجلد بإبرة ثم تحشوه بكحل أو نيل، فيزرقُّ أثَرُه أو يَخضرّ، والمستوشِمة: هي التي يُفعَل بها ذلك.
والمتنمِّصة: هي التي تأمر مَن ينتف لها شعر وجهها.
والمتفلِّجة: هي التي تُفرِّج ما بين ثناياها ورباعِيَاتها رغبة في التحسين.
انظر جميع ذلك في النهاية المواد (فلج) و (نمص) و (وشم).
(٣) في م: "من ورع ابن سيرين"، والمثبت من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>