للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجَّارُهم من عرضِ جواريهم للبيعِ على تلك الحالِ؟ فكرِهه كراهيةً شديدةً، ونهَى عنه، وقال: ليس ذلك من أمر مَن مضَى من أهلِ الفقهِ والخيرِ، ولا أمرِ مَن يُفتي من أهلِ الفقهِ والخيرِ، وإنَّما هذا من عملِ مَن لا ورَع له من الناسِ.

وقال أنسُ بنُ عياضٍ (١): سمِعتُ هشامَ بنَ عُروةَ يقولُ: لما اتَّخذَ عروةُ قصرَه بالعقيقِ، عوتِب في ذلك، وقيلَ له: جفَوتَ عن مسجدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال عروةٌ (٢): إني رأيتُ مساجدَكم لاهيةً، وأسْواقَكم لاغِيةً (٣)، والفاحشَةَ في فجاجِكم عاليةً، فكان فيما هنالكَ عمَّا أنتم فيه عافيةٌ (٤). ثم قال: ومَن بقي إنَّما بَقِي شامِتٌ بنكبةٍ، أو حاسدٌ بنعمَةٍ (٥). قالوا: فهذا عروةُ يُخبِرُ عن المدينةِ بما ذكَرنا، فكيف يُحتَجُّ بشيءٍ من عملِ أهْلِها لا دليلَ عليه.

قال أبو عُمر: والذي أقولُ به، أنَّ مالكًا رحِمه اللهُ إنَّما يحتجُّ في "موطئِه" وغيرِه بعَمَلِ أهلِ المدينةِ، يريدُ بذلك عَمَلَ العُلماء والخيارِ والفضلاء، لا عملَ العامَّةِ السَّوداء، وبالله التوفيقُ.

وقد ذكَرنا هذا الخبرَ ومثلَه في موضعِه من كتابِنا "كتابِ العلم" بإسنادِه، فأغنَى عن إعادتِه هاهنا.

• حديث مالك، عن ابن شهاب، عن حُميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ قامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفرَ له ما تقدَّم من ذنبه" ليس عند يحيى عن مالك. وقد ذكرنا طُرق هذا الحديث في باب ابن شهاب، عن أبي سَلَمة.


(١) في الأصل: "مالك" سبق قلم ظاهر.
(٢) "عروة" لم يرد في م.
(٣) في الأصل: "وأمواتكم لاعية"، وهو تحريف.
(٤) أخرجه ابن أبي الدنيا في العزلة والانفراد (١١٨)، والخطابي في العزلة ص ١٦، وأبو نعيم في الحلية ٢/ ١٧٩، والمصنف في جامع بيان العلم وفضله (٢٤٠٣) و (٢٤٠٤)، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٠/ ٢٨٠.
(٥) أخرجه المصنّف في جامع بيان العلم (٢٤٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>