للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا الإسنادِ عن سفيانَ، عن مالكِ بنِ مِغوَلٍ، عن أبي مَعْشَرٍ الكوفيِّ، قال: قال إبراهيمُ: كانوا يُحِبُّون أن يُسَوُّوا بينَهم حتى في القُبلةِ (١).

قال أبو عُمر: أكثرُ الفقهاء على أنَّ معنى هذا الحديثِ على النَّدبِ إلى الخيرِ والبِرِّ والفَضلِ، لا أنَّ ذلك واجِبٌ فَرضًا ألَّا يُعطِيَ الرجلُ بعضَ ولَدِه دونَ بعضٍ، على ما ذهَب إليه أهلُ الظاهِرِ، والدليلُ على أنَّ ذلك كذلك على النَّدْبِ لا على الإيجابِ، ممَّا احتَجَّ به الشافعيُّ وغيرُه، إجماعُ العلماء على جوازِ عَطِيَّةِ الرجلِ مالَه لغيرِ ولَدِه، فإذا جاز أن يُخْرِجَ جميعَ ولَدِه عن مالِه، جاز له أن يُخْرِجَ عن ذلك بعضَهم. وأمَّا قِصَّةُ النعمانِ بنِ بَشيرٍ هذا، فقد رُوِي في حديثه ألفاظٌ مُختَلِفَةٌ، أكثَرُها تدُلُّ على أنَّ ذلك على الندبِ لا على الإيجابِ؛ منها ما رَواه داودُ بنُ أبي هندٍ، عن الشعبيِّ، عنه، ممَّا قدَّمنا ذِكْرَه، وروايَةُ حُصينٍ، عن الشعبيِّ في هذا الحديثِ نحوُ ذلك.

حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ أسدٍ، قال: حدَّثنا سعيدُ بنُ عثمانَ بن السَّكَنِ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ يوسفَ، قال: حدَّثنا البخاريُّ، قال (٢): حدَّثنا حامِدُ بنُ عمرَ، قال: حدَّثنا أبو عوانةَ، عن حُصينٍ، عن عامرٍ، قال: سمِعتُ النعمانَ بنَ بَشيرٍ وهو على المنبرِ يقولُ: أعطاني أبي عَطِيَّة، فقالت عَمرَةُ بنتُ رَوَاحةَ: لا أرضَى حتى تُشهِدَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -. فأتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إنِّي أعطَيتُ ابني من عَمْرَةَ ابنةِ رَوَاحةَ،


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٣١٦٤٢)، والحسين بن الحسن المروزي في زياداته على البر والصلة لابن المبارك (١٥٤)، وابن أبي الدنيا في النفقة على العيال (٣٧)، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (١٦١٢)، وأبو القاسم بن الأصبهاني في الترغيب والترهيب (٦١٥) من طرق عن مالك بن مغول، به.
(٢) في صحيحه (٢٥٨٧). أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكُري، وحُصين: هو ابن عبد الرحمن السُّلمي، وعامر: هو ابن شراحيل الشعبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>