للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو عُمر: لا خلافَ عَلِمتُه فيمَن شهِد مناسكَ الحَجِّ وهو لا يَنْوي حَجًّا ولا عُمرة، والقَلَمُ جارٍ عليه وله، أنَّ شُهودَها بغيرِ نيةٍ ولا قَصْدٍ غيرُ مُغْنٍ عنه، وخُصَّ الصَّبيُّ بما ذكَرنا، وإنْ لم يكُنْ له قَصْدٌ ولا نِيَّةٌ لِما وصَفنا.

واختَلَف الفقهاءُ في المُراهقِ والعبد، يُحرِمان بالحَجِّ، ثم يَحتلِمُ هذا، ويعتِقُ هذا قبلَ الوقوفِ بعرفة.

فقال مالكٌ وأصحابه (١): لا سبيلَ إلى رفْضِ الإحرام لهذَين، ولا لأحد، ويتماديان على إحرامِهما، ولا يُجزِئُهما حَجُّهما عن حجةِ الإسلام.

وقال أبو حنيفة وأصحابُه: إذا أحرَم بالحَجِّ مَن لم يبلُغْ من الغِلمان، ثم بلَغ قبلَ أن يقفَ بعرفة، فوقَف بها بعدَ بُلوغِه، لم يُجْزِئْه ذلك من حجةِ الإسلام، فإنْ جدَّد إحرامًا بعدَما بلَغ أجزأه (٢).

وقالوا: إن دخَل عبدٌ مع مولاه فلم يُحرِمْ من الميقات، ثم أذِن له فأحرَم من مكّةَ بالحَجِّ، فعليه الدَّمُ إذا أُعتِقَ لتَرْكِه الميقات، وليس ذلك (٣) على النصرانيِّ يُسلِم، ولا على الصَّبيِّ يَحتَلِمُ، لسُقوطِ الإحرام عنهما (٤)، ويجبُ على السيِّد أن يأذَنَ لعبدِه في الحَجِّ إذا بلَغ معه، لأنَّ العبدَ لا يدخُلُ مكّةَ بغيرِ إحرام (٥).


(١) ينظر: المدوّنة ١/ ٤٠٧.
(٢) نقله عن أبي حنيفة وأصحابه الطحاويُّ في مختصر اختلاف العلماء ٢/ ١٦٤.
(٣) لم يرد اسم الإشارة في الأصل.
(٤) من هنا إلى قوله: "لأن العبد" لم يرد في الأصل، وهو ثابت في ق، ف ١.
(٥) نقله عن أبي حنيفة محمد بن الحسن الشيباني في الأصل المعروف بالمبسوط ٢/ ٥٢٢ - ٥٢٣. ومثل ذلك ذكر الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٧٠ عن أبي حنيفة وأصحابه. وينظر: المبسوط للسرخسي ٤/ ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>