للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعيدٍ: إنّ ابنَ شهابٍ قال: وجدتُ عروةَ بحرًا لا تُكدِّرُه الدِّلاءُ. فقال يحيى: أمّا أعلمُهم بالسُّنن وأقضيةِ عمرَ بنِ الخطابِ فابنُ المسيِّبِ، وأما أكثرُهم حديثًا فعُروةُ بنُ الزُّبير.

قال: وحدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ، قال: حدثنا حمّادُ بنُ زيد، عن أيوبَ، قال: تزوَّج عروةُ، فأرادُوه على أن يُفطِرَ، فأبى، وكان يسرُدُ الصَّومَ (١)، فأرادُوه على الخَلُوق، فأبى، فلمّا نام خلَّقوه وهو نائمٌ. قال أيوبُ: وكان عروة إذا دخل أرضَه، قال: ما شاء اللهُ، لا قوَّةَ إلا بالله.

وروينا أنَّ عُروة قدم على الوليد بن عبد الملك في الشام، فأصابتْهُ الأكِلَةُ (٢) في رِجْله، فقطَعَها وهو (٣) عند الوليد، ولم يتحرَّكْ، ولا نَطَق، ولم يشْعُر الوليد بها حين قطعت، حتى كُوِيَت، فوَجَد رائحةَ الكَيِّ، وبقيَ بعد ذلك ثمانيَ سنينَ (٤). واحتفر بالمدينة بئرًا يُقال لها: بئر عروة، ليس بالمدينة بئر أعذبَ منها (٥).

وذكر عباس (٦)، عن ابنِ معين، قال: حدَّثني الأصمعيُّ، قال: أخبرنا مالكٌ، عن الزُّهري، قال: سألت ابن صُعَير عن شيء من الفقه - وكنت أتعلم منه النَّسَب - فقال: ألك بذا حاجةٌ؟ عليك بهذا الشَّيخ. وأشار إلى سعيد بن المسيِّب، فجالسْتُه سبعَ سنينَ، لا أحسَبُ أنّ عالمًا غيرُه، ثم تحوَّلت إلى عروةَ بنِ الزُّبير، ففجَّرتُ به بحرًا.


(١) ينظر: الطبقات الكبرى لابن سعد ٥/ ١٨٠، وتاريخ دمشق ٤/ ٢٦٦.
(٢) الأكِلَةُ: داء يقع في العُضْو فيأتَكِلُ منه. "اللسان" (أكل).
(٣) في الأصل وف ٢: "وهم"، والمثبت من ج، وهو الأولى.
(٤) ينظر: التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة ٣/ ٢/ ١٦٢ (٢٢٣٥)، وسيرة السَّلف الصالح لإسماعيل الأصبهاني ١/ ١٨٤.
(٥) ينظر: وفيات الأعيان لابن خلكان ٣/ ٢٥٧, وسير أعلام النبلاء للذهبي ٤/ ٤٣٣.
(٦) عباسٌ: هو الدُّوريُّ، وهذا الخبر في تاريخه ٤/ ٢٨٢، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٠/ ٢٥٢. الأصمعيُّ: هو عبد الملك بن قُريب، وابن صُعَيْر: هو عبد الله بن ثعلبة العُذْريّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>