كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار

باب الميم - ابن شهاب، عن عروة بن الزبير بن العوام خمسة عشر حديثا، منها واحد مرسل - ج: 5 - ص: 304

وروينا عن ابن شهاب أيضًا أنه قال: كنت أطلبُ العلمَ من ثلاثةٍ: سعيدِ بنِ المسيِّبِ، وكان أفقَهَ الناسِ، وعروةَ بنَ الزُّبيرِ، وكان بحرًا لا تُكدِّره الدِّلاءُ، وكنتَ لا تشاءُ أن تجد عند عُبيدِ الله طريقةً من عِلْمٍ لا تجدُها عند غيرِه إلا وجدْتَها (١).

وذكر ابنُ بُكير، عن الليثِ بنِ سعدٍ، عن جعفرِ بنِ ربيعةَ، قال: قلتُ لعِراكِ بنِ مالكٍ: مَنْ أفقَهُ أهلِ المدينةِ؟ فقال: أمّا أفقَهُهم فقهًا، وأعلَمُهم بقضايا رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وقضايا أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ، وأعلمُهم بما مضى عليه الناسُ، فسعيدُ بنُ المسيِّب، وأمّا أغزرُهم حديثًا فعروةُ، ولا تشاءُ أن تُفجِّر من عُبيد الله بحرًا إلا فجَّرتَهُ (٢).

وحدَّثني خلفُ بنُ القاسم، قال: حدَّثنا ابنُ المُفسِّر، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ عليٍّ، قال: حدثنا القَواريريُّ، قال: حدَّثنا يوسفُ بنُ الماجِشُون، قال: حدَّثنا ابنُ شهاب، قال: كنتُ إذا حدَّثني عروةُ، ثم حدَّثَتْني عَمرةُ، زاد ذلك عندي تصديقًا حديثُ عروةَ بحديثِ عمرةَ، فلما تبحرتهما إذا عروة بحر لا يُنْزَف (٣).

وحدَّثنا خلفُ بنُ قاسم، قال: حدثنا ابنُ المفسِّر (٤)، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ

---

(١) ينظر: المعرفة والتاريخ للفسويّ ١/ ٤٧٥، وسير أعلام النبلاء للذَّهبي ٤/ ٤٢٥، وتهذيب الكمال ٢٠/ ١٨.
(٢) ينظر: المعرفة والتاريخ ١/ ٥٥٢، وتاريخ أبي زُرعة الدمشقيّ ص ٥٢١، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٦/ ٣٩٦ (٢٢٠٧). وأورده المِزِّيُّ في تهذيب الكمال ٢٠/ ١٨ من طريق معمر عن الزُّهريّ قال: أربعة من قريش وجدتُهم بُحورًا، فذكره. قال المزِّيُّ: "هكذا وقع في هذه الرِّواية، وهو وهْمٌ، فإنّ عُبيد الله هذا هُذليّ، وليس بقرشيّ".
وعُبيد الله المشار إليه في الرواية: هو عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود، من هُذيل بن مُدْركة حلفاء بني زُهْرة، ويُكنّى أبا عبد الله.
(٣) طبقات ابن سعد ٥/ ١٧٩، وتاريخ البخاري الكبير ٧/ الترجمة ١٣٨، وتهذيب الكمال ٢٠/ ١٦.
(٤) هو عبد الله بن محمد بن عبد الله الناصِح، أبو أحمد المفسِّر الدِّمشقي. وشيخه أحمد بن عليّ: هو أبو بكر المروزيّ القاضي.