للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه دليلٌ على التَّرغيب في الحَجِّ، ومعنى هذا الحديثِ محفوظٌ من وجوهٍ كثيرة. وفيه دليلٌ على أنَّ كلَّ مَن شهِد تلكَ المشاهدَ يغفِرُ اللَّهُ له إن شاء اللَّه.

وفيه أنَّ شُهودَ بدرٍ أفضَلُ من كلِّ عملٍ يعمَلُه الإنسانُ بعدَه إلى يوم القيامة، نَفْلًا كان أو فَرْضًا؛ لأنَّ هذا القولَ كان منه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حَجَّةِ الوداع.

وفيه الخبرُ عن حسَدِ إبليسَ وعداوتِه لعَنه اللَّه (١).

وفيه دليلٌ على أنَّ الحَسودَ يجدُ في نفسِه ذِلّةً لعدَمِه ما أُوتِيه المَحْسُود.

وأمّا قوله: "أصغرُ، وأحقرُ، وأغيَظُ". فمُسْتَغْنٍ عن التفسيرِ لوُضوح معاني ذلك عندَ العامّةِ والخاصّة.


= بالمعنى الاصطلاحيّ- هو عدم وجود ما يُعارضه، وعدم دخوله في أي باب من أبواب الحلال والحرام، وإنما هو مما يُعَدُّ في أبواب الفضائل -كهذا الحديث- أو الرقائق كما في بعض الأحاديث التي سترد، وقد عبَّر عن ذلك في عدّة مواضع من كتابه هذا، ومثال ذلك قوله بإثر الحديث السادس والأربعين لزيد بن أسلم المرسل: "وهو حديث حسنٌ لا معارضَ له"، ومثل ذلك قوله بإثر الحديث الثالث والأربعين من بلاغات مالك: "هذا حديث حسنٌ غريب. . . وإنما ذكرنا أنه حديثٌ حسنٌ لا يدفعُه أصلٌ، وفيه ترغيبٌ وليس فيه حُكْمٌ"، وأمثلة ذلك عديدة.
وقد نبَّه غير واحد من أهل هذا الشأن على منهج ابن عبد البرِّ وغيره في إطلاقهم لمثل هذه الأحكام على بعض الأحاديث الضعيفة من جهة إسنادها، ومن هؤلاء الحافظ زين الدين العراقي، ومثل على ذلك بابن عبد البرِّ وقوله على حديث رواه في جامع بيان العلم وفضله (٢٦٨): "حديث حسنٌ جدًّا، ولكن ليس له إسنادٌ قويٌّ". قال العراقيُّ في التقييد والإيضاح ص ٦٠: "فأراد بالحُسن حُسْن اللفظ قطعًا" ويدخل في هذا قول الذهبي في الموقظة ص ٣٠ في سياق مناقشته لإطلاق البعض كالترمذيّ - الحُسن على بعض الأحاديث الداخلة في هذا المعنى: "ويسُوغ أن يكون مراده بالحَسَن: المعنى اللغويَّ لا الاصطلاحيّ، وهو إقبال النفوس، وإصغاء الأسماع إلى حُسن مَتْنِه، وجزالةِ لفْظِه، وما فيه من الثواب والخير، فكثيرٌ من المتون النبوية بهذه المثابة" قلنا: ويدخل في هذا حديث الباب.
قلنا: غالب الأحاديث التي اقتصر فيها الترمذي على قوله "حسن" إنما هي أحاديث معلولة. ولنا دراسة موسعة في هذا الشأن تصدر قريبًا إن شاء اللَّه تعالى.
(١) أشار ناسخ الأصل في الحاشية أنه في نسخة أخرى: "نعوذ باللَّه منه".

<<  <  ج: ص:  >  >>