للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمواقيتِ، وقد يكونُ ذلك عندَه عمَلًا واتِّفاقًا، وأخذًا عن عُلماء عصرِه، ولا يَعرفُ أصلَ ذلك كيفَ كان؛ أبنُزولٍ من جبريلَ بها على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أم بما سنَّه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأُمَّتِه (١)؟ كما سنَّ غيرَ ما شيءٍ وفرضَه في الصلاةِ والزَّكاةِ والحجِّ، ممَّا لا يمُكنُ أن يقولَ كلُّ (٢) ذي علم: إنَّ جبريلَ نزَل بذلك كلِّه. والأمرُ في هذا واضحٌ يُغني عن الإكثارِ.

وفي هذا الحديثِ دليلٌ على أنَّ وقتَ الصَّلاةِ من فرَائضِها، وأنَّها لا تُجزئُ قبلَ وقتِها، وهذا لا خِلافَ فيه بينَ العُلماءِ إلَّا شيئًا رُويَ عن أبي موسى الأشعريِّ وعن بعضِ التَّابعينَ أجمَع العُلماءُ على خِلافِه، فلم أرَ لذِكرِه وجهًا؛ لأنَّه لا يصحُّ عنهم (٣)، وقد صحَّ عن أبي موسى خِلافُه ممَّا يُوافِقُ الجماعَةَ، فصارَ اتِّفاقًا صحيحًا (٤).

وهذا حينَ آلَ بنا القولُ (٥) إلى ذكرِ مواقيتِ الصلواتِ، وما أجمَع عليه العُلماءُ من ذلك وما اختلَفوا فيه، فهو أولى المَواضِعِ بذلك ما في كتابِنا هذا.

قال أبو عُمر: أجمَع عُلماءُ المسلمينَ في كلِّ عصرٍ وفي كلِّ مصر بلغَنا عنهم، أنَّ أوَّل وقتِ الظُّهرِ: زوالُ الشمسِ عن كبدِ السَّماءِ ووسطِ الفلَكِ، إذا استُوقنَ ذلك في الأرضِ بالتَّفقُّدِ والتَّأمُّلِ، وذلك ابتداءُ زيادةِ الظِّلِّ بعد تناهي نُقصانه في الشِّتاءِ والصَّيفِ جميعًا، وإن كان الظِّلُّ مُخالفًا في الصَّيفِ له في الشِّتاء. وهذا إجماعٌ من العُلماءِ كلِّهم في أوَّلِ وقتِ الظُّهرِ. فإذا تَبيَّنَ زوالُ الشمس بما ذكرنا أو بغيرِه فقد


(١) قوله: "لأمته" لم يرد في الأصل.
(٢) "كل" لم ترد في الأصل.
(٣) في ف ٢: "عندهم".
(٤) ينظر: المصنَّف لابن أبي شيبة (٧٢٧٨) و (٧٢٧٩) و (٧٢٨١)، والأوسط لابن المنذر ٢/ ٨٢ - ٨٥ فيما أخرجاه من طرق عديدة عن أبي موسى الأشعري وابن عمر وابن عبّاس وغيرهم من التابعين في هذا المعنى.
(٥) في الأصل: "القرآن"، وهو خطأ بيّن.

<<  <  ج: ص:  >  >>