للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حلَّ وقتُ الظُّهرِ، وذلك ما لا خِلافَ فيه، وذلك تفسيرٌ لقولِه تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨]. ودُلُوكُها ميلُها عندَ أكثرِ العلماء (١). ومنهم من قال: دُلُوكُها غروبُها (٢). واللُّغةُ مُحتمِلةٌ للقولينِ، والأوَّلُ أكثرُ. وكان مالكٌ يستحبُّ لمساجدِ الجماعاتِ أن يُؤخِّروا بعدَ الزَّوالِ حتى يكونَ الفيءُ ذراعًا، على ما كتَب به عمرُ بنُ الخطَّابِ إلى عُمَّالِه (٣).

واختلَفوا في وقتِ الجُمُعةِ؛ فرَوى ابنُ القاسم، عن مالكٍ: وقتُ الجُمُعةِ وقتُ الظُّهرِ، لا تجبُ إلَّا بعدَ الزَّوالِ، وتُصلَّى إلى غُروبِ الشمسِ. قال ابنُ القاسم: إن صلَّى من الجُمُعةِ ركعَةً، ثم غربتِ الشمسُ، صلَّى الرَّكعةَ الأُخرى بعدَ المغيبِ جُمُعةً (٤).

وقال أبو حنيفةَ، والشافعيُّ، والحسنُ بنُ حَيٍّ (٥): وقتُ الجُمُعةِ وقتُ الظُّهرِ، فإن فات وقتُ الظُّهرِ بدُخُولِ وقتِ العصرِ لم تُصلَّ الجُمُعةَ.

قال أبو حنيفةَ وأصحابُه: إن دخَلَ وقتُ العصر وقد بقيَ من الجُمُعةِ سجدةٌ أو قعدةٌ، فسَدتِ الجُمُعةُ، ويستقبلُ الظُّهرَ (٦).


(١) في ف ٢: "أهل العلم".
(٢) ينظر: تفسير عبد الرزاق ٢/ ٣٠٨ - ٣١٠، وجامع البيان لابن جرير الطبري ١٧/ ٥١٣ - ٥١٦، حيث رجّح ابن جرير ١٥/ ١٦ القول الأول: الدُّلوك: المَيْلُ.
(٣) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٣٧ (٦) عن نافع مولى عبد الله بن عمر، أنّ عمر بن الخطّاب كتب إلى عُمّاله؛ فذكره.
(٤) ينظر: المدوّنة ١/ ٢٣٩، والتهذيب في اختصار المدوَّنة ١/ ٣٢١، والتاج والإكليل لمختصر خليل ٢/ ٥١٨ - ٥١٩.
(٥) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ١٩٦، والأمّ للشافعي ١/ ٢٢٣، والمجموع شرح المهذّب للنَّووي ٤/ ٥١١.
(٦) في ف ٢: "العصر". وينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>