للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معناه في مساجدِ الجماعاتِ، وأمَّا المُنفردُ الذي لا جَماعةَ معه ينتظِرُها، فإنَّه يُصلِّي في أوَّلِ الوقت.

وقال اللَّيثُ، والشافعيُّ: يُصلِّيها في أوَّلِ الوقتِ. قال الشَّافعيُّ: إلَّا المساجدَ التي تُنتابُ من بعيدٍ، فإنَّها يُبرَدُ فيها بالظُّهرِ. والصَّلواتُ كلُّها عندَ اللَّيثِ والشافعيِّ أوائلُ أوقاتِها أفضلُ. قال الشَّافعيُّ: إلَّا الإبرادَ في شدَّةِ الحرِّ في المَساجدِ التي تُقصَدُ من المواضِعِ النائِيةِ (١).

وزعَمَ أبو الفرج أنَّ مذهبَ مالكٍ أنَّ الصَّلواتِ كلَّها أوائِلُ أوقَاتِها أفضلُ، إلَّا الظُّهرَ في شدَّةِ الحرِّ، فإنَّها تُؤخَّرُ قليلًا في المساجدِ وغيرِها.

وقال العِراقيُّونَ: تُعجَّلُ الظُّهرُ في الشِّتاءِ في أوَّلِ الوقتِ، وتؤخَّرُ في الحرِّ حتى يبرُدَ (٢). وهو قولُ أحمدَ بنِ حنبلٍ، قال: أوَّلُ الأوقاتِ أعجبُ إليَّ في الصلواتِ كلِّها، إلَّا في صلاتين؛ صلاةِ العِشاءِ الآخرةِ، وصلاةِ الظهرِ في الحرِّ، يُبْرَدُ بها وتُؤخَّرُ حتى يبرُدَ، وأمَّا في الشِّتاءِ فيُعجَّلُ بها. قال: وتُؤخَّرُ العشاءُ أبدًا ما لم يشُقَّ على الناسِ. وهذا كلُّه حكايَةُ معنى رِوايةِ الأثرم عنه (٣).

وكلُّهم قال: يصلِّي العصرَ والشمسُ بيضاءُ نقيَّةٌ. إلَّا ما قال جريرٌ (٤)، عن الثَّوريِّ: أنَّه كان يؤخِّرُ العصرَ. وغيرُه عن الثَّوريِّ كما ذكَرنا.


(١) ينظر: الأم للشافعي ١/ ٩١، والأوسط لابن المنذر ٣/ ٥٥.
(٢) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ١٩٥، وحلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء ٢/ ٢١، للسرخسي ١/ ١٤٦.
(٣) نقله عن الأثرم ابن قدامة المغني ١/ ٢٨١، وينظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية ٢/ ٤٣٥ (١٢٦)، ٢/ ٨١٨.
(٤) هو جرير بن عبد الحميد، أبو عبد الله الرازي، وهذا نقله عنه الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>