للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك حكَى ابنُ عبدِ الحكم عنه، أنَّ آخرَ وقتِها الإسفارُ الأعلى. وقال ابنُ وَهْب، عن مالكٍ: آخرُ وقتِها طُلُوعُ الشمسِ. وهو قولُ الثَّوريِّ والناسِ (١).

وقال الشافعيُّ (٢): لا تفوتُ صلاةُ الفجرِ حتى تطلُعَ الشمسُ قبلَ أن يُدركَ منها ركعةً بسُجُودِها، فمن لم تَكمُلْ له رَكعةٌ قبلَ طلُوعِ الشمسِ فقد فاتتهُ. وهو قولُ أبي ثورٍ، وأحمدَ بنِ حنبلٍ، وإسحاقَ، وداودَ، والطَّبريِّ، وأبي عُبيدٍ (٣).

وأمَّا أبو حنيفَةَ وأصحابُه، فإنَّهم يُفسدُون صلاةَ مَن طلَعت عليه الشمسُ وهو يُصلِّيها (٤). وقد ذكَرنا قولَهم وحُجَّتَهم في ذلك والحُجَّةَ عليهم، في بابِ زيدِ بنِ أسلمَ من كتابِنا هذا (٥)، فأغنى عن إعادَتِه هاهنا.

وأمَّا اختيارُهم من الأوقاتِ، فإنَّ مالكًا، واللَّيثَ بنَ سعدٍ، والشافعيَّ، والأوزاعِيَّ، وأحمدَ بنَ حنبلٍ، كانوا يقولونَ بالتَّغلِيسِ في صلاةِ الفجرِ في أوَّلِ وقتِها، وذلك أفضلُ عندَهم؛ أن تُصلَّى والنُّجُومُ باديةٌ مشتبِكةٌ.

وقال الثَّوريُّ، وأبو حنيفَةَ، وأصحابُه، والحسنُ بنُ حيٍّ، بالإسفارِ في الفجرِ، في كلِّ الأزمانِ، في الصَّيفِ والشِّتاءِ، وذلك عندَهم أفضلُ. وقد ذكَرنا حُجَّةَ كلِّ فريقٍ منهم في بابِ زيدِ بنِ أسلمَ من كتابِنا هذا (٦).

وقال مالكٌ: يُصلِّي الظُّهرَ إذا فاءَ الفيءُ ذراعًا، في الشِّتاءِ والصَّيفِ. وهو أحبُّ إليه في الجماعةِ وغيرِها، عندَ أكثرِ أصحابِه (٧). ومض من قال: إنَّ هذا


(١) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ١٩٥.
(٢) في الأُم ١/ ٩٣.
(٣) ينظر: الأوسط لابن المنذر ٣/ ٤١.
(٤) ينظر: الأصل المعروف بالمبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني ١/ ١٤٤، والمبسوط للسرخسيّ ١/ ١٤٥.
(٥) سلف في شرح الحديث الثالث والأربعين لزيد بن أسلم.
(٦) وينظر: المدوّنة ١/ ١٥٧، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ١٩٥.
(٧) تنظر: المدوّنة ١/ ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>