للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - من إناءٍ واحدٍ. فروَاه عبدُ الرحمن بنُ القاسم، عن أبيه، عن عائشةَ، من حديثِ شعبةَ وغيرِه، عن عبدِ الرحمن (١).

وروَاه إبراهيمُ عن الأسودِ، عن عائشةَ (٢). وروَاه هشامٌ، عن أبيه، عن عائشة (٣)، وقد ذكَرنا الاختلافَ فيه على ابنِ شهابٍ.

وفيه من الفقهِ: تركُ التحديدِ فيما يكفِي من الماءِ، وأن فضلَ المرأةِ لا بأسَ بالوضوءِ منه. وسنذكُرُ الاختلافَ في ذلك ووجهَ الصوابِ فيه إن شاء اللهُ عند ذكرِ حديثِ نافع، عن ابنِ عمرَ: إن كان الرجالُ والنساءُ لَيَتوضَّؤونَ جميعًا في زمنِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - (٤)؛ لأن حديثَ هشام بنِ عروةَ هذا ليس من روايةِ مالكٍ في "الموطأ"، وإذا توضَّأ الاثنان وأكثرُ من إناءٍ واحدٍ، ففي ذلك دليلٌ على أنه لا تحديدَ ولا توقيفَ فيما يكفي المغتَسِلَ والمتوضّئ من الماءِ، وحسْبُه الإتيانُ بالماءِ على ما يُغسلُ من الأعضاءِ غَسلًا، وعلى ما يُمسحُ مسحًا.

وأما حديثُ ابنِ شهابٍ المذكورُ في هذا البابِ، ففيه من الفقهِ: الاقتصارُ على أقلِّ ما يكفِي من الماءِ، وأن الإسرافَ فيه مذمومٌ. وفي ذلك ردٌّ على الإباضيَّةِ (٥) ومَن ذهَب مذهبَهم في الإكثارِ من الماءِ؛ ولهذا ما سيقَ هذا الحديثُ، واللهُ أعلمُ،


(١) أخرجه الطيالسي في مسنده (١٥١٩)، وإسحاق بن راهوية في مسنده (٩٦٠)، وأحمد في المسند ٤٢/ ٢٤٣ - ٢٤٤ (٢٥٣٩٤)، والبخاري (٢٦٣).
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٤٢/ ٣٦٣ - ٣٤٦٤ (٢٥٥٦٣)، والبخاري (٢٩٩ - ٣٠١)، وأبو داود (٧٧)، والنسائي (٢٣٥).
(٣) أخرجه أحمد في المسند ٤٢/ ٣٨٠ - ٣٨١ (٢٥٥٩٣)، والبخاري (٢٧٣).
(٤) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٥٨ (٤٨)، وهو الحديث التاسع والعشرون لنافع، وسيأتي تمام تخريجه مع مزيد كلام عليه في موضعه إن شاء الله تعالى.
(٥) طائفة تُنسب إلى عبد الله بن إباض.

<<  <  ج: ص:  >  >>