للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنكارًا على أولئك الطائفة؛ لأنه مذهبٌ ظهَر في زمانِ التابعين، وسُئِل عنه الصحابةُ، ونُقل في ذلك من الحديثِ ما ترَى.

وروَى عبدُ الله بنُ المباركِ، عن شعبةَ، عن عبدِ الله بنِ عبدِ الله بنِ جَبرٍ (١)، عن أنسِ بنِ مالكٍ، قال: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتوضأُ بمكُّوكٍ (٢)، ويغتسِلُ بخمسِ مكاكِيكَ.

وقال الخليلُ: الصَّاعُ: كأسٌ يُشربُ به، والمكوكُ: مكيالٌ (٣).

وقال أبو جعفرٍ محمدُ بنُ عليٍّ: تَمارَيْنا في الغُسلِ عندَ جابرٍ، فقال جابرٌ: يكفِي للغُسلِ صاعٌ من ماءٍ. قلنا: ما يكفِي صاعٌ ولا صاعان. فقال جابرٌ: قد كان يكفِي مَن كان خيرًا منكم، وأكثرَ شعَرًا (٤).

وقد رُوِي عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، من وجوهٍ، أنه كان يتوضَّأ بالمُدِّ ويغتسلُ بالصَّاعِ. وهي آثارٌ مشهورةٌ مستعملةٌ عندَ قومٍ من الفقهاءِ، وليست أسانيدُها مما يُحتجُّ به. والذي اعتمَد عليه البخاريُّ وأبو داودَ في "بابِ ما يكفي الجُنبَ من الماءِ" حديثُ الفَرَقِ المذكورُ في هذا البابِ.

وهذه الآثارُ كلُّها إنما رُوِيت إنكارًا على الإباضيَّةِ، وجُملتُها تدلُّ على أنْ لا توقيفَ فيما يكفي من الماءِ، والدليلُ على ذلك أنهم أجمَعوا أن الماءَ لا يُكالُ


(١) في الأصل: "جُبير"، خطأ.
(٢) أخرجه النسائي في المجتبى (٢٢٩)، وفي الكبرى ١/ ١٠٠ (٧٥) عن سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك، به. وإسناده صحيح.
والمكّوك: مكيال سعتُه صاعٌ ونصف، وهو يعادل عند الحنفية ٨٩، لترًا، وعند غيرهم ١٢٥، ٤ لترَّا، بناءً على اختلافهم في مقدار المُدّ. ينظر: معجم لغة الفقهاء ص ٤٥٦.
(٣) العين ٥/ ٢٨٧.
(٤) أخرجه أحمد في المسند ٢٢/ ٩٦ - ٩٧ (١٤١٨٨)، والبخاري (٢٥٥) من طريق مِخْوَل بن راشد عن محمد بن عليّ بن الحسين بن أبي طالب، به.
وأخرجه مسلم (٣٢٩) من طريق عبد الوهاب الثقفيّ عن جعفر بن محمد، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>