للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبى جماعةٌ مِن أهلِ العلم ذلك وقالوا: ليس الاضْطِجاعُ سُنةً، وإنَّما كان ذلك راحةً لطُولِ قيامِه. واحتجُّوا بحديثِ أبي سلمةَ، عن عائشةَ، قالت: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلَّى ركعَتَي الفجرِ؛ فإن كنتُ نائمةً اضطَجَعَ، وإن كنتُ مُستيقِظةً حدَّثني (١). وفي لفظِ بعضِ الناقلين لهذا الحديثِ إن كنتُ مُستيقظةً حدَّثني وإلَّا اضطجع (٢).

وقد قال ابنُ القاسم، ورَواه عن مالكٍ أيضًا: لا بأسَ بالضِّجعةِ بينَ ركعَتَي الفجرِ وصلاةِ الصبح، إن لم يُردْ بها أن يفصلَ بينَهما (٣).

وقال الأثرمُ: سَمِعتُ أحمدَ بنَ حنبلٍ يُسألُ عن الاضطجاع بعدَ ركعَتَي الفجرِ، فقال: ما أفعلُه أنا، فإن فعلَه رجلٌ. ثم سكَت كأنَّه لم يَعِبْه إن فعلَه. قيلَ له:


= وهو في مسند أحمد ١٥/ ٢١٧ (٩٣٦٨)، وجامع الترمذي (٤٢٠)، وصحيح ابن خزيمة ٢/ ١٦٧ (١١٢٠)، وصحيح ابن حبّان ٦/ ٢٢٠ (٢٤٦٨)، وشرح السُّنة البغوي ٣/ ٤٦٠ - ٤٦١ (٨٨٧) من طرقٍ عن عبد الواحد بن زياد، به. وطوَّله بعضهم واختصره آخرون. الأعمش: هو سليمان بن مهران. وأبو صالح: هو ذكوان بن عبد الله السَّمّان، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.
(١) أخرجه البخاري (١١٦١) و (١١٦٨)، ومسلم (٧٤٣)، وأبو داود (١٢٦٣). أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.
(٢) عند البخاري (١١٦٧) و (١١٦٨)، ومسلم (٧٤٣) (١٣٣).
(٣) وتمام ما نقله عنه ابن القاسم في المدوّنة ١/ ٢١٢ هو: "قلت لابن القاسم: أكان مالكٌ يكره الضَّجعةَ التي بين ركعتي الفجرِ وبين صلاة الصُّبح التي يَرَوْنَ أنهم يفصِلُون بها؟ قال: لا أحفظُ عنه فيها شيئًا، وأرى إن كان يُريد بذلك فصْلَ الصَّلاةِ فلا أحبُّه، وإن كان يفعل ذلك لغير ذلك فلا بأس"، ومنه يظهر أن هذا قول ابن القاسم لا مالك، وأنه رأيٌ رآه هو ولم ينقله عن مالك!
ونقل عنه في موضع آخر ١/ ٢١١ قوله: "ولا أرى بالكلام بأسًا فيما بين ركعتي الفجر إلى صلاة الصُّبح، وهو الذي لم يزل عليه أمرُ الناس أنه لا بأس بالكلام بعد ركعتي الفجر حتى يُصلَّى الصُّبح، فبعد ذلك يُكره الكلام إلى طلوع الشمس".

<<  <  ج: ص:  >  >>