للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَ لَمْ تأخذْ به؟ فقال: ليس فيه حديثٌ يثبُتُ (١). قلتُ له: حديثُ الأعمشِ، عن أبي صالح، عن أبي هريرةَ؟ قال: روَاه بعضُهم مُرسلًا.

وذكَر أبو بكرٍ الأثرمُ مِن وجوهٍ عن ابنِ عمرَ أنَّه أنكَره، وقال: إنَّها بدعةٌ (٢).

وعن إبراهيمَ، وأبي عبيدةَ، وجابرِ بنِ زيدٍ، أنَّهم أنكروا ذلك (٣).

وفي هذا الحديثِ أيضًا مِن الفقهِ، في غيرِ روايةِ مالكٍ مما روَاه أصحابُ ابنِ شهابٍ عنه، على ما ذكرناه في هذا البابِ، من اتِّخاذُ مؤذِّنٍ راتبٍ للأذانِ.

وفيه إشعارُ المؤذِّنِ للإمامِ بدخولِ الوقتِ وإعلامُه بذلك. وفي ذلك ما يدلُّ على أنَّ على المؤذِّنينَ ارتقابَ الأوقَاتِ. وقد احتجَّ بعضُ مَن لا يُجيزُ الأذانَ للصبحِ قبلَ الفجرِ بحديثِ ابنِ شِهابٍ هذا، مِن روايةِ عُقَيلٍ وغيرِه؛ لأنَّ فيه: فإذا سكت المؤذِّنُ الأوَّلُ من صلاةِ الفجرِ قام فرَكَع ركعتَين خَفِيفَتيْن (٤). قالوا: فهذا يدلُّ على أنَّ الأذانَ لصلاةِ الفجرِ إنَّما كان بعدَ الفجرِ، في حينِ يجوزُ فيه ركوعُ ركعتَي الفجرِ؛ لقولِه: المؤذِّنُ الأوَّلُ. وهذا التأويلُ قد عارَضه نصُّ قولِه - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ بلالًا يُنادي بليلٍ". وسيأتي القولُ فيه في بابِ ابنِ شِهابٍ، عن سالم (٥) إن شاءَ اللهُ.


(١) وقد نقل عنه إسحاق بن منصور الكوسج في مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية ٢/ ٦٥١ (٢٩٨) أنه قال له: "يضطجع بعد ركعتي الفجر؟ فقال: إن فعل يريد الاتباع فلا بأس به"، والصحيح في المذهب أنه يُستحبُّ فيما ذكر ابن قدامة في المغني ٢/ ٩٤.
(٢) أخرج حديث ابن عمر عبد الرزاق في المصنَّف ٣/ ٤٢ (٤٧٢٠) و ٣/ ٤٣ (٤٧٢٢)، وابن أبي شيبة في المصنَّف (٦٤٥٠) و (٦٤٥٥).
(٣) ينظر: المصنَّف لابن أبي شيبة (٦٤٤٧) و (٦٤٥٣)، وينظر الناسخ والمنسوخ لأبي بكر الأثرم ص ٧٠ - ٧١.
(٤) رواية عقيل، وهو ابن خالد، سلف تخريجها قبل قليل.
(٥) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٢٣ (١٩٥)، مرسل سالم بن عبد الله، هو الحديث السابع لابن شهاب الزُّهري عنه، وسيأتي تخريجه ومزيد كلامٍ عليه في موضعه إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>