للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه أنَّ ركعَتَي الفجرِ خفِيفَتان. وفيه دليلٌ على أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يتركُ ركعَتَي الفجرِ، وأنَّه كان يُواظبُ عليهما، كما يُواظبُ على الوترِ.

واختلَف العلماءُ في الأوكدِ منهما؛ فقالت طائفةٌ: الوتْرُ أوكدُ وكلاهما سُنَّةٌ.

ومِن أصحابِنَا مَن يقولُ: رَكْعتا الفجر (١) ليستا بسُنَّةٍ، وهما مِن الرَّغائبِ، والوَترُ سنةٌ مؤكَّدةٌ.

وقال آخَرُون: ركعتَا الفجرِ سُنةٌ مُؤكَّدةٌ كالوترِ.

وقال آخَرُون: هما أوكدُ مِن الوترِ؛ لأنَّ الوترَ ليس بسُنَّةٍ إلَّا على أهلِ القرآنِ. ولكلِّ واحدٍ مِن هذه الطَّوائفِ حُجَّةٌ مِن جهةِ الأثرِ، سنذكرُها في أوْلَى المواضعِ بها مِن كتابِنا هذا إن شاء اللهُ. ورُويَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "ركعَتا الفجرِ أحبُّ إليَّ مِن الدنيا وما فيها" (٢). وفاتتا عبدَ الله بنَ أبي ربيعةَ فأعتقَ رقبةً (٣). واحتجَّ بعضُ مَن ذهَب إلى أنَّ ركعَتَي الفجرِ أوكدُ مِن الوترِ بأنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قضَاهما حين نام عن الصَّلاة في سَفَرِه، كما قضى الفريضةَ، وأنّ الوِتْرَ لا يُقضى بعدَ صلاةِ الصُّبح، ولا يُقضَى شيءٌ من السُّنَنِ والنّوافِلِ غيرَها، وبالله التَّوفيقُ.


(١) قوله: "ركعتا الفجر" من ج.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٤٠/ ٢٨٧ (٢٤٢٤١)، ومسلم (٧٢٥)، والترمذي (٤١٦)، والنسائي في الكبرى ١/ ٢٥٧ (٤٥٨) من حديث سعد بن هشام، عن عائشة رضي الله عنها.
(٣) أخرجه عبد الله بن المبارك في الزُّهد (٥٢٨)، وعبد الرزاق في المصنَّف ٣/ ٥٧ (٤٧٨٠) من طريق مهاجر بن القُطبيّة قال: "فاتت عبد الله بن أبي ربيعة ... " فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>