للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليوم - فأمَرْتُكما أن تَطِيبَ أنفسكما (١) للآخَرِ فأدْفَعَه إليه، فخَلَوْتُما، فأتَيْتَني يا عباسُ قد طابت نَفْسُك لعليٍّ، فجِئْتُما إليَّ، وأدْرَكَك ما أدْرَكَ الناسَ، فجِئْتُما إليَّ لتَرُدَّاهُ إليَّ، فلا واللّه، لا أجْعَلُه في عُنُقي حتى أجْتَمِعَ أنا وأنتُما عندَ الله (٢).

وهذا خِلافُ روايةِ ابنِ عباسٍ، وسنَذْكُرُ ذلك في مَوْضِعِه إن شاء اللهُ، فقد بان بهذا الحديثِ ما ذكَرْنَا مِن المعنى المَطْلُوبِ أنَّها ولايَةُ ذلك المالِ على تلك الحالِ، لا مِيراثٌ ولا تملُّكٌ، والآثارُ بمِثْلِ هذا كثيرةٌ مِن حديثِ مالكٍ وغيرِه.

حَدَّثَنَا عبدُ الوارِثِ بنُ سفيانَ ووَهْبُ بنُ محمدٍ، قالا: حَدَّثَنَا قاسِمُ بنُ أصبغَ، قال: حَدَّثَنَا إسماعيلُ بنُ إسحاقَ، قال: حَدَّثَنَا عمرُو بنُ مَرْزُوق، قال: أخبرنا مالكُ بنُ أَنَسٍ، عن ابنِ شهاب، عن مالكِ بنِ أوْسِ بنِ الحدَثَانِ، قال: أرْسَل إليَّ عمرُ بعدَما تعالى النَّهارُ. قال: فذَهَبْتُ فوجَدْتُه على سَرِيرٍ مُفْضٍ إلى رُمَالِه (٣). قال: فقال لي حين دخَلْتُ عليه: يا مالِ (٤)، إنَّه قد دَفَّ عليَّ ناسٌ مِن قومِك (٥)، وقد أمَرْتُ فيهم برَضْخ، فخُذْه فاقْسِمْه فيهم. قال: قلت: يا أميرَ المؤمنين، لو


(١) في بقية النسخ: "نفس أحدكما".
(٢) أخرجه أحمد في المسند ١/ ٢٣٩ - ٢٤٠ (٧٨)، والمروزي (٣) من طريقين عن أبي عوانة الوضَّاح بن عبد الله اليشكري، به. ورواية أحمد مختصرة، والمروزيّ مختصرة جدًّا، ومعناه صحيح من غير هذا الوجه دون قوله: "لا يموت نبيٌّ حتى يؤمَّه بعضُ أُمَّتِه". وهذا إسنادٌ ضعيف لجهالة الشيخ من قريش وقوله: "حدثني فلان وفلان وفلان".
(٣) رماله: خوصه الذي نسج به، أي لَمْ يفرش بينه وبين السرير وطاء.
(٤) قوله: "يا مالِ" هو ترخيم مالك، بحذف الكاف، ويجوز كسر اللام وضمُّها، وجهان مشهوران لأهل العربيّة، فمَن كسَرَها تركَها على ما كانت، ومَن ضمَّها جعلَه اسمًا مستقلًّا. ينظر: إكمال المعلم شرح صحيح مسلم للقاضي عياض ٦/ ٣٨، وشرح صحيح مسلم للنَّووي ١٢/ ٧١.
(٥) وقوله: "دفَّ عليَّ ناسٌ من قومك" الدّفُّ: المشيُ بسُرعةٍ؛ كأنَّهم جاؤوا مسرعين للضُّرِّ الذي نزل بهم. وقيل: السِّير اليسير، قاله النوويُّ في شرح صحيح مسلم ١٢/ ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>