للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَرْتَ غيرِي بذلك. قال: فقال: خُذْه. قال: فجاء يَرْفأُ (١)، فقال: يا أمِيرَ المؤمنين، هل لك في عثمانَ، وعبدِ الرَّحمن، وسعدٍ، والزبيرِ؟ قال: نعم، ائْذَنْ لهم. فدخَلُوا عليه، قال: ثم جاءَ يَرْفأُ، فقال: يا أمِيرَ المؤمنين، هل لك في عليٍّ والعباسِ؛ قال: نعم. فأذِنَ لهما، فدَخَلا عليه. قال: فقال العباسُ: يا أميرَ المؤمنين، اقْضِ بيني وبينَ هذا - يعني عليًّا - قال: فقال بعضُهم: أجَلْ يا أميرَ المؤمنين، فاقْضِ بينهما وارْحَمْهما. قال مالكُ بنُ أوْسٍ: يُخيَّلُ إليَّ أنَّهما قدَّمَا أولئك النَّفرَ لذلك. قال: فقال عُمَرُ: اتئِد" (٢). قال: ثم أقْبَلَ على أُولئك الرَّهْطِ، فقال: أنْشُدُكم باللّه الذي بإذْنِه تقومُ السماءُ والأرضُ، أتَعْلَمون (٣) أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا نُورَثُ، ما ترَكْنا صدقة"؟ قالوا نعم. ثم أقْبَل على عليٍّ والعباسِ، فقال: أنشدُكما باللّه الذي بإذنِه تقومُ السماءُ والأرضُ، هل تعلَمان أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا نُورَثُ، ما تَرَكْنا صدقةٌ"؟ قالا: نعم. قال: فقال عمرُ: فإنَّ الله تبارَكَ وتعالى خَصَّ رسولَه بخاصَّةٍ لَمْ يخُصَّ بها أحَدًا مِن الناسِ، فقال: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} الآية [الحشر: ٦]. وكان ممَّا أفاء اللهُ على رسولِه: بنو النَّضِيرِ، فوالُلّه ما اسْتَأثرَ بها رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عليكم، ولا أخَذَها دُونكم، فكانَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأْخُذُ منها نفَقةَ سنةٍ - أو نفقتَه ونفَقَةَ أهْلِه سنَةً - ويجعَلُ ما بَقِي أُسْوَةَ المالِ (٤).


(١) يرفأ: كان من موالي عمر، أدرك الجاهلية، ولا تُعرف له صُحبة، وقد حجَّ مع عمر في خلافة أبي بكر، قاله الحافظ ابن حجر في الفتح ٦/ ٢٠٥.
(٢) أي: على رِسْلِكَ، أو اصبِرْ وتمهَّلْ، وهو من التَّؤُدَة، يقال: تئدَ تأدًا. ينظر: النهاية في غريب الحديث ١/ ١٧٨.
(٣) في الأصل: "هل تعلمون"، وفي ج: "تعلمون"، والمثبت من ف ٢، وهو الموافق لما في صحيح مسلم.
(٤) قوله: "ويجعل ما بقيَ أُسوةَ المالِ" أي: يجعل ما بقيَ من نفقة أهله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مساويًا للمال الآخَرَ الذي يُصرف لوجه الله" يعني: تابعًا له في حُكمه. ينظر: كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي ١/ ٩١ وعون المعبود للعظيم آبادي ٨/ ١٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>