للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدَّثَنَا أسَدُ بنُ موسى، قال: حَدَّثَنَا الحسنُ بنُ بِلالٍ، قال: حَدَّثَنَا حمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عن الكَلْبيِّ، عن أبي صالح، عن أُمِّ هانئ: أنَّ فاطمةَ قالت لأبي بكرٍ: مَن يَرِثُك إذا مِتَّ؟ قال وَلَدي وأهْلي. فقالت: ما لكَ تَرِثُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَنا؟ فقال: يا بنتَ رسولِ الله، ما ورثْتُ أباكِ دينارًا ولا دِرْهمًا، ولا ذهبًا ولا فِضَّةً. فقالت: بَلَى، سَهْمُ الله الذي جعَلَه لنا، وصَفَايا النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَدَكُ (١) وغيرُها بيَدِكَ. فقال أبو بكرٍ: سمِعتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: "إنَّما هي طُعْمَةٌ أطْعَمَنيها اللهُ، فإذا مِتُّ كانت بين (٢) المسلمين" (٣).

فإن قيل: ما مَعْنَى قولِ أبي بكرٍ لفاطمةَ: بل وَرِثَه أهْلُه، يَعْني رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو يقولُ: "لا نُورَثُ، ما ترَكْنا صدقةٌ"؟ قيل له: مَعْناه - على تصحِيح الحدِيثَيْن - أنَّه لو تخَلَّفَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيئًا يُورَثُ عنه لوَرِثه أهْلُه، فكأنَّه قال: بل وَرِثه أهْلُه إن كان خَلَّفَ شيئًا يورَثُ، وإن كان لَمْ يتَخَلَّفْ شيئًا يُورَثُ؛ لأنَّ ما تخَلَّفَه صدقةٌ راجِعَةٌ في منافِع المسلمين، مِن الكُرَاع والسِّلاح وغيرِها، فأيَّ شيءٍ يَرِثُ عنه أهْلُه وهو لَمْ يُخلِّفْ شيئًا؟

فإن قيل: فما معنى قولِ أبي بكرٍ، عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا أطْعَم اللهُ نبيًّا طُعْمَةً، ثم قَبضه، جَعَله للذي يقومُ بعدَه"؟ قيل له: اللامُ في قولِه: "للذي" ليست لامَ


(١) في ف ٢: "بفدك".
(٢) في ج: "بيد"، والمثبت من الأصل وف ٢.
(٣) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٢/ ٣١٤، وابن شبَّة في تاريخ المدينة ١/ ١٩٧ - ١٩٨، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٣/ ٣٠٨ (٥٤٣٧) و (٥٤٣٨) من طرقٍ عن حمّاد بن سلمة، به.
وهو حديث إسناده تالف، الكلبيّ: هو محمد بن السائب بن بشر، متَّهم بالكذب ورُميَ بالرفض كما في تقريب التهذيب (٥٩٠١)، وشيخه أبو صالح: هو باذام مولى أمّ هانئ ضعيف، فقد ترك حديثه أحمد بن حنبل، وقال ابن معين: إذا روى عنه الكلبي فليس بشيء. ينظر: تهذيب الكمال ٤/ ٧ (١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>