للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان يأكُلُ منها، ويُنْفِقُ منها، ويعُودُ على فقراءِ بني هاشِم، ويزَوِّجُ منهم (١) أيِّمَهم، وإنَّ فاطمةَ رضي اللهُ عنها سألَتْه أن يجعَلَها لها فأبَى، فكانت كذلك حياةَ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى قُبِض، ثم وَليَ أبو بكرٍ، فكانت في يَدِ أبي بكرٍ؛ يَعْمَلُ فيها بما عَمِلَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حتى قُبِض لسَبيله، ثمّ وَليَ عمرُ، فعَمِل فيها مثلَ ذلك، ثمّ وَليَ عثمانُ، فأقْطَعها مَرْوانَ فجَعَل مَرْوانُ، ثُلُثيْها لعبدِ الملكِ، وثُلُثَها لعبدِ العزيزِ، فجَعَل عبدُ الملكِ ثُلُثيْهِ: ثُلُثَيْه (٢) للوَليدِ، وثُلُثًا لسليمانَ، وجعلَ عبدُ العزيزِ ثُلُثَه لي، فلمَّا وَليَ الوليدُ جعَلَ ثُلُثَه لي. فلم يكنْ لي مالٌ أعْودَ عليَّ منه، ولا أسدَّ لحاجتي، ثم وليتُ أنا، فرأيْتُ أنَّ أمرًا منعَه النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاطمةَ ابنتَه، أنَّه ليس لي بحَقٍّ، وإنِّي أُشْهِدُكم أنِّي قد رَدَدْتُها على ما كانت على عهدِ رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قال أبو عُمر: اختلَف العلماءُ في سَهْم رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفيما كان له خاصَّةً مِن صَفَاياه، وما لَمْ يُوجِفْ عليه بخَيْلٍ ولا ركابٍ، فأمَّا أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ وعمرُ بنُ الخطابِ، فمَذْهَبُهما في ذلك ما قد تكرَّر ذكرُه (٣) في كتابِنا هذا مِن أوَّلِ البابِ، وذلك الأخْذُ بظاهِرِ هذا الحديثِ في أموالِ بني النضيرِ وفَدَكَ وخيبرَ، أنَّ ذلك يُسَبَّلُ على حسَبِ ما كان رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسَبِّلُه في حياتِه، كان يُنْفِقُ منه على عِيَالِه وعامِلِه سنةً، ثم يجعَلُ باقِيَه عُدَّةً في سَبيلِ الله.

وعلى مَذْهَبِ أبي بكرٍ وعُمَرَ في ذلك (٤) جمهورُ أهلِ العِلْم مِن أهلِ الحديثِ والرَّأي.

وأمَّا عثمانُ بنُ عفانَ، فكان يرَى أنَّ ذلك للقائِم بأمرِ المسلمين، يَصْرِفُه فيما رأى مِن مَصالح المسلمين، ولذلك أقْطَعه مَرْوانَ.


(١) في ف ٢: "منها"، والمثبت من الأصل، ج.
(٢) يعني: جعل ثلثي الثلثين.
(٣) هذه اللفظة لَمْ ترد في ف ٢.
(٤) شبه الجملة "في ذلك" لَمْ يرد في ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>