للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعرجِ، عن أبي هريرةَ، قال: قال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنَّا مَعْشَرَ (١) الأنبياءِ لا نُورَثُ، ما تَركْنا فهو (٢) صدقةٌ، بعدَ نَفَقَةِ نسائي، ومُؤونَةِ عاملي".

وممَّا يَدُلُّك على أنَّه أراد - بقولِه عزَّ وجلَّ: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} -: النبوةَ والعِلْمَ والسِّيَاسَةَ، ولم يُردِ المالَ، لأنَّه لو أرادَ المالَ لَمْ يقْتَضِ الخبَرُ عن ذلك فائِدَةً، لأنَّه معلومٌ أنَّ الأبناءَ يَرِثُون الآباءَ أموالَهم، وليس مَعلومًا أنَّ كلَّ ابنٍ يقومُ مَقامَ أبيه في الملكِ والعلم والنُّبوةِ.

وفي هذا الحديثِ أيضًا مِن الفِقْهِ: دليلٌ على صحَّةِ ما ذهَبَ إليه فقهاءُ أهْلِ الحِجَازِ وأهلُ الحديثِ مِن تَجوِيزِ الأوْقافِ في الصَّدَقاتِ المحَبَّسَاتِ، وأنَّ للرجلِ أن يُحبِّسَ مالَه، ويُوقِفَه على سبِيلٍ مِن سُبُلِ الخيرِ، يَجرِي عليه مِن بعدِ وفَاتِه.

وفيه: جَوازُ الصدقةِ بالشيءِ الذي لا يَقِفُ المتَصَدِّقُ على مَبْلَغِه؛ لأنَّ تَرِكَتَه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُقَفْ على مَبْلَغ ما تَنْتهي إليه، وسَنُوضِّحُ ذلك في بابِ أبي الزِّنَادِ إن شاء اللهُ (٣).


= فهو صدقة". وهكذا جاء المتن في رواية أحمد في المسند ١٢/ ٢٥٢ (٧٣٠٣) عن سفيان، ورواية مسلم في صحيحه (١٧٦٠) عن يحيى بن يحيى التميمي، عن مالك عن أبي الزناد، وكذلك هو عند ابن حبان في صحيحه ١٤/ ٥٧٩ (٦٦٠٩)، والبيهقي في الكبرى ٧/ ٦٥ (١٣٧٨٢) من طريق سفيان.
والغريب أن الحافظ ابن حجر نسب هذا المتن إلى الحميدي في التلخيص الحبير ٣/ ٢٣٤، ولم نقف عليه عنده.
أما هذا اللفظ فهو رواية وكيع بن الجراح، عن سفيان، أخرجه كذلك أحمد في مسنده ١٦/ ٤٧ (٩٩٧٢)، والحمد للّه على توفيقه.
(١) في ف ٢، ج: "معاشر"، والمثبت من الأصل.
(٢) الضمير "فهو" لَمْ يرد في الأصل، وهو ثابت في بقية النسخ.
(٣) عند الحديث السادس عشر له.

<<  <  ج: ص:  >  >>