للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه أيضًا: دَلالةٌ واضِحَةٌ على اتِّخاذِ الأمْوَالِ، والْمَتِسابِ الضِّيَاع، وما يَسَعُ الإنسانَ؛ لنفسِه، وعُمَّالِه، وأهْلِيهم، ونَوائِبهم، وما يَفْضُل على الكفايَةِ. وفي ذلك رَدٌّ على الصوفيَّة ومَن ذهَبَ مَذْهبَهم في قطع الاكْتِسابِ المباح.

وقد اسْتَدَلَّ بهذا الحديثِ قومٌ في أنَّ للقاضي أن يَقْضيَ بعِلْمِه، لِما قضى أبو بكرٍ في ذلك بما كان عندَه مِن العِلْم. وهذا عندي مَحمِلُه إذا كانَت الجماعَةُ حولَ القاضِي والحاكِم يَعْلَمُون ذلك، أو يَعْلَمُه منهم مَن إن احْتِيج إلى شهادَتِه عندَ الإنكارِ، كان في شَهادَتِه براءَةٌ أو ثُبوتُ حُجَّةٍ على المحكوم عليه، واللّهُ أعلم؛ لأنَّ أبا بكرٍ لَمْ يَنْفَرِدْ بالحديثِ، بل سَمِعَه معَه من النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جماعَةٌ غيرُه، ولو تَفَرَّدَ به ما كان ذلك بضَائِرٍ له، ولا قادِحٍ في معنى ما جاء به؛ لأنَّه عِلْمٌ لا يَحتاجُ فيه القاضِي إلى شهادَةٍ، ألا ترَى أنَّ القاضِيَ إذا قَضى بما عَلِمه مِن الكِتابِ والسُّنَّةِ ليس يَحتاجُ فيه إلى شاهِدٍ ولا بيِّنةٍ (١)؟!

وقد تقَدَّمَ مِن (٢) قولِنا: إن في هذا الحديثِ أيضًا دلالةً على قبُولِ خبرِ الواحِدِ العَدْلِ، وباللّه العونُ والتوفيقُ، لا شريكَ له.


(١) بعد هذا في ج: "أنه علم ذلك"، ولا فائدة فيها.
(٢) في ف ٢، ج: "في"، والمثبت من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>