للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيفةَ: مَن أهَلَّ بحجَّتين، أو عمرتَيْن، لزِمَتاه، وصار رافِضًا لإحداهما حينَ يتوجَّهُ إلى مكةَ.

وقال أبو يُوسفَ: تلزَمُه الحجَّتانِ، ويصيرُ رافِضًا لإحداهما ساعتَئذٍ.

وقال محمدُ بنُ الحسنِ بقولِ مالكٍ والشافعيِّ: تلزَمُه الواحدَةُ إذا أهلَّ بهما جميعًا، ولا شيءَ عليه (١).

وقال أبو ثَوْرٍ: إذا أحْرَم بحجَّةٍ فليس عليه أن يضُمَّ إليها عمرةً، ولا يُدْخِلَ إحرامًا على إحرام، كما لا يُدْخِلُ صلاةً على صلاة (٢).

وفيه أيضًا: أنَّ القارِنَ يُجزِئُه طوافٌ واحدٌ، وسعيٌ واحدٌ (٣). وبهذا قال مالكٌ والشافعيُّ وأصحابُهما، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثور. وهو مذهبُ عبدِ الله بنِ عمرَ، وجابرِ بنِ عبدِ الله، وعطاء بنِ أبي رباح، وقولُ الحسنِ، ومجاهِد، وطاووس (٤).

وحُجَّةُ مَن قال بهذا القولِ حديثُ مالكٍ هذا، عن ابنِ شهاب، عن عروة، عن عائشة، وفيه قالت: إنَّ أصحابَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - الذين جمَعوا الحجَّ والعُمرةَ إنَّما طافوا طوافًا واحدًا. فإن قيل: إنَّ مَن روَى هذا الحديثَ عن ابنِ شهابٍ لم يذكُرْ هذا فيه مِن قولِ عائشة. قيل له: إنَّ تَقْصيرَ مَن قصَّرَ عنه ليس بحُجَّةٍ على مَن حَفِظه، ومالكٌ أثْبَتُ الناسِ عندَ الناسِ في ابنِ شهابٍ، وقد ذكَره مالكٌ، وحَسْبُك به.


(١) ينظر: الأصل المعروف بالمبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني ٢/ ٥٢٨، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ١٦٥.
(٢) نقله عنه ابن رشد في بداية المجتهد ٢/ ١٠٥، وقال ابن رشد: "وجمهور العلماء متفقون على إدخال المُحرِم الحجَّ على العُمرة، ويختلفون في إدخال العُمرة على الحجِّ".
(٣) قوله: "وسعي واحد" سقط من ج.
(٤) ينظر: شرح معاني الآثار للطحاوي ٢/ ١٩٧ بإثر الحديث (٣٩١٠) الآتي ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>