للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن حُجَّتِهم أيضًا حديثُ الدَّراورديِّ، عن عبيدِ الله بنِ عمر، عن نافع، عن ابنِ عمر، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن جمَع الحجَّ والعمرةَ كفاه لهما طوافٌ واحِدٌ وسَعْيٌ واحِدٌ" (١).

فإن قيل: الدَّراورديُّ غَلِط في هذا الحديثِ فرفَعه، وإنَّما هو حديثٌ موقوفٌ، كذلك رَواه كلُّ مَن رواه عن عُبيدِ الله، وكذلك رواه مالكٌ، عن نافع، عن ابنِ عمرَ موقوفًا (٢).


(١) أخرجه أحمد في المسند ٩/ ٢٥٢ (٥٣٥٠)، والدارمي في سننه (١٨٤٤)، والترمذي (٩٤٨)، وابن ماجة (٢٩٧٥)، وابن الجارود في المنتقى ١/ ١٢٠ (٤٦٠)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٢/ ١٩٧ (٣٩١٠)، وابن حبّان في صحيحه ٩/ ٢٢٤ (٣٩١٥) و (٣٩١٦)، وابن حزم في حجّة الوداع (٥٠١) من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، به.
وإسناده ضعيف، عبد العزيز بن محمد الدراوردي وإن كان ثقةً، إلّا أنّ حديثه عن عُبيد الله بن عمر منكر فيما ذكر النسائي كما في تهذيب الكمال ١٨/ ١٩٤، وقال أحمد بن حنبل وغيره: "كتاب الدراورديّ صحيح لكنه كان يغلط في أحاديث عبد الله بن عمر العمريّ الضعيف، فيجعلها عن عُبيد الله بن عمر الثقة" ينظر: تحرير التقريب (٤١١٩). وقال الترمذي: حسن غريب تفرَّد به الدراوردي على ذلك اللفظ، وقد رواه غير واحد عن عُبيد الله بن عمر ولم يرفعوه وهو أصحُّ.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح ٣/ ٤٩٤: "وأعلَّه الطحاوي بأنّ الدراوردي أخطأ فيه، وأنّ الصواب أنه موقوف،. . . وهو تعليل مردودٌ، فالدراورديّ صدوقٌ، وليس ما رواه مخالفًا لما رواه غيرُه، فلا مانع أن يكون الحديث عند نافع على الوجهين".
قال بشار: قد أعله قبل الطحاوي الإمام الجهبذ أبو عيسى الترمذي أنجب تلامذة الإمام البخاري، فضلًا عن الأئمة الآخرين الذين استنكروا رواياته عن عبيد الله العمري.
(٢) أخرجه مالكٌ في الموطأ ١/ ٤٨٤ (١٠٤٢)، وفيه قول ابن عمر رضي الله عنهما: "أُشهِدُكم أنّي أوْجَبتُ الحجَّ مع العُمرة. ثم نفذَ حتى جاء البيتَ، فطاف طوافًا واحدًا، ورأى ذلك مُجزيًا عنه وأهدى".
ومن طريق مالك أخرجه البخاري (١٨٠٦) و (١٨١٣) و (٤١٨٣)، ومسلم (١٢٣٠) (١٨٠) وهو الحديث الثاني والخمسون لنافع مولى ابن عمر، وسيأتي تمام تخريجه مع مزيد كلام عليه في موضعه إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>