للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يجوزُ أن يُضافَ إلى أهلِ الدينِ عندَ ذي محْرَم، فَضْلًا عن غيرِ ذي محْرَم؛ لأنَّ الحُرّةَ عورةٌ مُجتمَعٌ على ذلك منها، إلّا وجْهَها وكفَّيْها. وقد أوضَحْنا ما لذي المحْرَم أن يَراه مِن نسائِه ذَوَاتِ محارمه، في باب صَفوانَ بنِ سُلَيْم (١)، والحمدُ لله.

وقال امرؤُ القيس (٢):

تقولُ وقد نَضَتْ لنوم ثِيابَها ... لدَى السِّتْرِ إلَّا لِبْسَةَ المُتَفَضِّلِ

هكذا أنْشَده أبو حاتم، عن الأصْمعيِّ، نَضَتْ بتَخْفِيفِ الضاد، وقال: يقال: نَضوْتُ الثوبَ أنْضوه: إذا نَزعْتُه، ولا يقال: أنْضَيْتُه.

والذي عليه جاء هذا الحديثُ، رَضاعةُ الكبيرِ والتحريمُ بها، وهو مذهبُ عائشةَ مِن بينِ أزواجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، حملَتْ عائشةُ حديثَها هذا في سالم مولى أبي حذيفةَ على العموم، فكانت تأْمُرُ أُختَها أُمَّ كُلثوم وبناتِ أخيها أن يُرْضِعْنَ مَن أحَبَّت أن يَدخُلَ عليها، وصنعَتْ عائشةُ ذلك بسالم بنِ عبدِ الله بنِ عمرَ، أمرَتْ أُمَّ كُلثوم فأرْضَعَتْه، فلم تُتِمَّ رَضاعَه، فلم يدخُلْ عليها (٣). ورأى غيرُها هذا الحديثَ خصوصًا في سالم وسَهلةَ بنتِ سُهيل. واختلَف العلماءُ في ذلك كاختلافِ أُمَّهاتِ المؤمنين.

فذَهَب الليثُ بنُ سعدٍ إلى أن رَضاعةَ الكبيرِ تُحرِّمُ كما تُحرِّمُ رَضاعةُ


(١) عند الحديث الثالث له عن عطاء بن يسار مرسلًا، وهو في الموطأ ٢/ ٥٥٢ (٢٧٦٦) وسيأتي تخريجه مع مزيد كلام عليه في موضعه إن شاء الله تعالى.
(٢) ديوانه ص ١٤، وفيه: "فجئت" بدل: "تقول"، ومثله في أمثال العرب للمفضَّل الضبي ص ٣١، وفي بقية المصادر من كتب اللغة ومعاجمها مثل رواية الديوان، ينظر: شرح المعلّقات السبع للزوزني ص ٤٩، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٥٠٧، وتهذيب اللغة للأزهري ١٢/ ٥١، والصحاح للجوهري، ولسان العرب مادة (نضا).
وقوله: "لبسة المتفضِّل" المتفضِّل: اللابس ثوبًا واحدًا لينام فيه، أو أراد الخِفّة في العمل.
(٣) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ١٢١ (١٧٦٨) عن نافع، عن سالم بن عبد الله، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>