للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أجمَع فقهاءُ الأمصارِ على أنَّ (١) التحريم بما يَشْرَبُه الغلامُ الرضيعُ مِن لبنِ المرأةِ وإن لم يَمُصَّه مِن ثَدْيِها، وإنَّما اختَلَفوا في السُّعُوطِ (٢) به، وفي الحقْنَةِ، والوَجُور (٣)، وفي جُبنٍ يُصْنَعُ له منه، بما لا حاجةَ لنا (٤) إلى ذكرِه هاهنا.

وروى ابنُ وَهْب، عن الليثِ، أنه قال: أنا أكْرَهُ رَضاعَ الكبيرِ أن أُحِلَّ منه شيئًا. وروى عنه كاتِبُه أبو صالح عبدُ الله بنُ صالح، أن امرأةً جاءته، فقالت: إنِّي أُريدُ الحجَّ، وليس لي محرَمٌ. فقال: اذْهَبي إلى امرأةِ رجلٍ تُرْضِعُك، فيكونُ زوجُها أبًا لكِ فتَحُجِّينَ معه (٥). وقال بقولِ الليثِ قومٌ؛ منهم ابنُ عُليَّة. وحُجَّةُ مَن قال بذلك حديثُ عائشةَ في قصةِ سالم وسَهلةَ، وفَتْواها بذلك، وعَمَلُها به.

حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ عبدِ المؤمنِ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ عمرَ بنِ عليٍّ، قال: حدَّثنا عليُّ بنُ حرب، قال (٦): حدَّثنا سفيانُ بنُ عيينةَ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ القاسم، عن أبيه، عن عائشةَ قالت: جاءَتْ سَهلةُ بنتُ سُهيلٍ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: إنِّي لأرَى في وجهِ أبي حذيفةَ مِن دخولِ سالم عليَّ كراهيةً. قال: "فأرضعِيه". قالت: وهو شيخٌ كبيرٌ؟ فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أوَ لستُ أعلَمُ أنه


(١) "أن" من الأصل حسبُ.
(٢) أي: صبِّه في الأنف، ينظر: تاج العروس (سعط).
(٣) أي: صبِّه في وسط الفم أو في الحلق، يقال: أوجَرت المريض إيجارًا؛ أي: فعلتَ به ذلك. المصباح المنير (وجر).
(٤) في م: "بنا"، والمثبت من الأصل.
(٥) ذكر روايتي ابن وهب وأبي صالح عن الليث الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٣١٥.
(٦) في الجزء الثاني من حديثه عن سفيان بن عيينة (٥).
وأخرجه الحميديّ في مسنده (٢٧٨)، وأحمد في المسند ٤٠/ ١٣٠ - ١٣١ (٢٤١٠٨) عن سفيان بن عيينة، به.
وهو عند مسلم (١٤٣٥) (٢٦)، وابن ماجة (١٩٤٣)، والنسائي (٣٣٢٠) من طرقٍ عن سفيان بن عيينة، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>