للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُفَسِّرًا له، ولجملةِ (١) ظاهرِ القرآنِ في قولِه: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: ٢٣]. واعْتِبارًا بقطع السُّرّاقِ (٢) في رُبُعِ دينارٍ فصاعدًا. قال: فبَان بأن المرادَ تحريمُ رَضاعِ بعضِ (٣) المُرْضَعين دونَ بعض، لا مَن لَزِمه اسمُ رَضاع، كما كان المرادُ بعضَ السارقين دونَ بعضٍ، وبعضَ الزناةِ دونَ بعضٍ. واحْتَجَّ بعضُ مَن ذهَب مذهبَه بحديثِ الزهريِّ، عن سالم بنِ عبدِ الله، قال: كانت عائشةُ تقولُ: نزَل القرآنُ بعَشْرِ رَضَعاتٍ، ثم صار إلى خمسٍ، فليس يُحرِّمُ مِن الرَّضَاع دونَ خمسِ رَضعاتٍ (٤).

فهذا يَرَدُّ (٥) ما روَى مالكٌ (٦)، عن نافع، في العشرِ رَضعاتٍ في قصةِ سالم؛ لأنَّ الزهريَّ أعلمُ مِن نافع، وأحْفَظُ لما سَمِع ووَعَى مِن ذلك. واللهُ أعلم.

وقال أبو ثورٍ وأبو عبيدٍ وداودُ: لا يُحرِّمُ إلّا ثلاثُ رَضعاتٍ (٧). واحْتَجُّوا بحديثِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "لا تُحرِّمُ المَصَّةُ ولا المَصَّتانِ" (٨)، وبحديثه عليه السلامُ: "لا تُحرِّمُ الإملاجَةُ ولا الإملاجَتَانِ" (٩). قيل في الإمْلاجَةِ: المَصَّةُ.


(١) في ج، م: "ويحمله"، وهو وجه جيّد محتملٌ أيضًا.
(٢) هكذا في ف ٢، م: ويعضده ما في الأم للشافعي ٥/ ٢٩: "السارقين".
(٣) في م: "بتحريم الرضاع بعضُ"، والمثبت من الأصل، وهو الأصح.
(٤) الأم ٥/ ٢٨ - ٢٩.
(٥) سقطت هذه اللفظة من م.
(٦) في الموطّأ ٢/ ١٢١ (١٧٦٨)، وعنه الشافعي في الأم ٥/ ٢٨ و ٧/ ٢٣٦، ومن طريقه البيهقي في الكبرى ٧/ ٤٥٧ (١٦٠٥٢).
(٧) ينظر: اختلاف الفقهاء لمحمد بن نصر المروزي ١/ ٢٧٥، وبداية المجتهد لابن رشد ٣/ ٦٠.
(٨) سلف تخريجه.
(٩) أخرجه عبد الرزاق (١٣٩٢٦)، وأحمد في المسند ٤٤/ ٤٤٣ (٢٦٨٧٣)، ومسلم (١٤٥١) من حديث عبد الله بن الحارث الهاشمي، عن أمّ الفضل امرأة العباس عمِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وينظر تمام تخريجه في كتابنا: المسند المصنف المعلل ٤٠/ ١٠١ - ١٠٣ (١٩١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>