للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنِ شهابٍ، عن أنسٍ، أنَّ عثمانَ قال لهم حينَ أمَرهم أن يكتبوا المصاحفَ: ما اختلفتُم أنتم وزيدٌ (١) فاكتُبوهُ بلسانِ قُريشٍ، فإنَّه نزَل بلسانِهم (٢). وذكر حديثَ ابنِ عباسٍ أنَّه قال: نزَل القرآنُ بلغةِ الكعبَيْن: كعبِ قُريشٍ، وكعبِ خُزاعةَ. قيل: وكيف ذلك؟ قال: لأنَّ الدارَ واحدةٌ (٣). قال أبو عُبيدٍ: يعني أنَّ خُزاعةَ جيرانُ قُريشٍ، فأخَذوا بلغتِهم، وذَكَروا (٤) أخبارًا قد ذكرْنَا أكثرَها في هذا الكتاب، والحمدُ للّه.

وقال آخرونَ: هذه اللُّغاتُ كلُّها السبعةُ إنَّما تكونُ في مُضَرَ، واحتجُّوا بقولِ عثمانَ: نزَل القرآنُ بلسانِ مُضَرَ. وقالوا: جائزٌ أنْ يكونَ منها لقريشٍ، ومنها لكِنانةَ، ومنها لأسَدٍ، ومنها لهُذيلٍ، ومنها لتميم، ومنها لضبَّةَ، ومنها لقيسٍ، فهذه قبائلُ مُضَرَ، تستوعبُ سبعَ لُغاتٍ على هذه المراتبِ. وقد رُويَ عن ابنِ مسعودٍ أنَّه كان يحبُّ أن يكونَ الذين يكتُبونَ المصاحفَ من مُضَرَ (٥).

وأنكرَ آخرونَ أن تكونَ كلُّها في مُضَرَ، وقالوا: في مُضَرَ شواذُّ لا يجوزُ أن يُقرأَ القرآنُ عليها، مثلُ: كشكشةِ قيسٍ، وعنعنةِ تميم.


(١) في ج، م: "وزيد فيه"، والمثبت من الأصل، ف ٢، ويعضده ما في فضائل القرآن.
(٢) فضائل القرآن، ص ٣٣٩، والحديث المذكور سيأتي بإسناد المصنّف مع تخريجه بعد قليل.
(٣) فضائل القرآن، ص ٣٤٠، وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ١/ ٦٦، كلاهما من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بن دعامة السَّدوسيّ عنه - رضي الله عنهما -، وهو منقطع، قتادة لم يُدرك ابن عباس - رضي الله عنهما -، فإنّ قتادة لم يلقَ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلّا أنسًا وعبد الله بن سرجِسَ فيما نقل ابن أبي حاتم عن أبيه في المراسيل، ص ١٦٨ (٦٤٠). وينظر: تهذيب الكمال والتعليق عليه ٢٣/ ٥٠٣.
(٤) في خ، م: "ذكر"، والمثبت من الأصل، ف ٢، وهو الصواب؛ لأن كلام أبي عبيد في فضائل القرآن، ص ٣٤٠، انتهى عند قوله: "فأخذوا بلغتهم".
(٥) أخرجه أبو عُبيد القاسم بن سلّام في فضائل القرآن، ص ١٠٢ عن هشيم بن بشير عن العوّام بن حوشب عن إبراهيم بن يزيد التيميّ، عنه - رضي الله عنه -. وإبراهيم بن يزيد ثقة إلّا أنه لم يدرك ابن مسعود - رضي الله عنه -. ينظر تحفة التحصيل، ص ١٨ - ١٩، وتقريب التهذيب (٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>