للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمَّا كشكشةُ قيسٍ، فإنَّهم يجعلونَ كافَ المؤنَّثِ شِينًا فيقولونَ في: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} [مريم: ٢٤]: (جعلَ رَبُّشِ تحتشِ سريًّا).

وأمَّا عنعنةُ تميم، فيقولونَ في "أنْ": "عنْ"، فيقُولُون: (عسى اللهُ عنْ يأتيَ بالفتح). وبعضُهم يُبدِلُ السِّينَ تاءً، فيقولُ في "الناس": النَّات، وفي "أكياس": أكيَات. وهذه لُغاتٌ يُرغَبُ بالقرآنِ عنها، ولا يُحفظُ عن السَّلف فيه شيءٌ منها.

وقال آخرون: أمَّا بَدَلُ الهمزَةِ عيْنًا، وبَدَلُ حُروفِ الحلْقِ بعضِها من بعضٍ، فمشهورٌ عن الفُصحاءِ، وقد قرأ به الجِلَّةُ، واحتجُّوا بقراءةِ ابنِ مسعودٍ: (ليسجُنُنَّه عتَّى حينٍ) (١). وبقولِ ذي الرُّمَّةِ (٢):

فعيناكِ عينَاهَا وجيدُكِ جيدُها ... ولونُكِ إلَّا عَنَّها غيرُ عاطِلِ

يريدُ: إلَّا أنَّها.

أخبرنا عبدُ الله بنُ محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال: حدَّثنا الحسَنُ بنُ عليٍّ الواسطيُّ، قال: حدَّثنا هُشيم، عن عبدِ الله بنِ عبدِ الرحمن بنِ كعبٍ الأنصاريِّ، عن أبيه، عن جدِّه، أنَّه كان عندَ عُمرَ بنِ الخطابِ، فقرأ رجل: (مِن بعدِ ما رأوُا الآياتِ ليسجُنُنَّه عتَّى حينٍ)، فقال عُمرُ: مَن أقرأكها؟ قال: أَقْرأَنِيها ابنُ مسعودٍ، فقال له عمرُ: {حَتَّى حِينٍ} [يوسف: ٣٥].


(١) وهي لغة هُذيل، وفي القراءات الشاذّة، كما في المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات لابن جنّي ١/ ٣٤٣، وينظر: تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة، ص ٣٢.
(٢) واسمه غيلان بن عقبة، والبيت في ديوانه ٢/ ١٣٤١ بلفظ:
فعيناكِ عيناها ولونك لونُها ... وجيدك إلا أنها غير عاطلِ
وينظر: الكامل للمبرِّد ٣/ ٩٩، والأغاني للأصفهاني ٢٨/ ٢٩ فوقع فيها باللفظ المدكور في ديوانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>