للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرأيتُهم مُتَقاربِينَ، فاقرؤوا كما عُلِّمتُم، وإيَّاكُم والتَّنَطُّعَ والاختلافَ، فإنَّما هو كقولِ أحدِكم: هلمَّ، وتعال (١).

وروى ورْقاءُ، عن ابنِ أبي نَجِيح، عن مُجاهدٍ، عن ابنِ عباس، عن أُبيِّ بنِ كعبٍ، أنَّه كان يقرأُ: {لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا} [الحديد: ١٣]: (للذين آمنوا أمهلُونا)، اللذينَ آمنوا أخِّرُونَا)، (للذين آمنوا ارقبُونَا) (٢).

وبهذا الإسنادِ عن أُبيِّ بنِ كعبٍ، أَنَّه كان يقرأُ: {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} [البقرة: ٢٠]: (مَرُّوا فيه)، (سعَوْا فيه). كلُّ هذه الحُرُوف كان يقرؤُها أُبيُّ بنُ كعب.

فهذا معنَى الحروفِ المرادُ بهذا الحديث، واللّهُ أعلمُ، إلَّا أنَّ مُصحفَ عثمانَ الذي بأيدي الناسِ اليومَ هو منها حرفٌ واحدٌ، وعلى هذا أهلُ العلمِ، فاعلَمْ.

وذكرَ ابنُ وَهْبٍ في كتاب التَّرغيبِ من "جامعِه" قال: قيل لمالكٍ: أترَى أنْ يُقْرَأَ بمثلِ ما قَرَأ عمرُ بنُ الخطاب: (فَامْضُوا إلى ذكْرِ الله) (٣)؟ فقال: ذلك جائز، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُنْزلَ القرآنُ على سبعةِ أحرفٍ، فاقرؤوا ما تَيسَّرَ منهُ"، ومِثْلَ: "تَعْلَمُونَ " و"يَعْلَمُونَ". وقال مالكٌ: لا أرَى في اختلافِهم في مثلِ هذا بأسًا.


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٣٢٠، وأبو عُبيد في فضائل القرآن ص ٣٤٦، وابن أبي شيبة في المصنَّف (٣٠٦٥١)، وابن جرير الطبري في تفسيره ١/ ٥٠ من طرقٍ عن الأعمش سليمان بن مهران، به. وإسناده صحيح. أبو وائل: هو شقيق بن سلمة.
(٢) هذا الأثر أورده القرطبي في تفسيره ١/ ٤٢، وابن كثير في فضائل القرآن، ص ١٣٣ دون عزوٍ لأحد. وإسناده إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - حسن، لأجل ورقاء: وهو ابن عمر اليشكري فهو صدوق كما في تقريب التهذيب (٧٤٠٢)، وابن أبي نجيح: هو عبد الله بن أبي نجيح يسار الثقفي، أبو يسار المكيّ. وعطاء: هو ابن أبي رباح. وهذه القراءات الواردة عن أُبيّ بن كعب وابن عباس نُسبت كذلك لابن مسعود، وهي من شواذ القراءات كما في مختصر شواذ القراءات لابن خالويه، ص ١١، وينظر: المحرر الوجيز لابن عطية ١/ ١٠٤، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١/ ٤٢.
(٣) وكذا أخرج في جامعه ١/ ١٣٠ (٢٢٢)، وفي موطئه (٢١٨) عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، أنه سمع عمر بن الخطاب يقرأ، فذكر الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>