للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكَرْنا أنَّ تلك السبعةَ الأحرفِ إنَّما كانَتْ في وقْتٍ خاصٍّ لضرورةٍ دعَتْ إلى ذلك، ثم ارتفعَتْ تلك الضَّرورةُ، فارْتفَع حُكمُ هذه السبعةِ الأحرفِ، وعادَ ما يُقرأُ به القرآنُ إلى حرفٍ واحدٍ.

واحتجَّ بحديثِ أُبيِّ بنِ كعبٍ المذْكُورِ في هذا البابِ، من روايةِ ابنِ أبي ليلَى، عنه، قولُه فيه - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أُمَّتي لا تُطيقُ ذلكَ". في الحرفِ، والحرفينِ، والثَّلاثةِ، حتى بلغَ السبعةَ (١). واحْتَجَّ أيضًا بحديثِ عُمرَ بنِ الخطابِ مع هشام بنِ حكيم، واحتجَّ بجمع أبي بكرٍ الصدِّيقِ للقرآنِ في جماعةِ الصحابَةِ، ثم كتابِ عثمانَ لذلك (٢)، وكلاهما عوَّل فيه على زيدِ بنِ ثابِتٍ، فأمَّا أبو بكرٍ فأمَر زيدًا بالنَّظرِ فيما جُمِع منه، وأمَّا عثمانُ فأمرَ بإملائِه من تلك الصُّحُفِ التي كتَبها أبو بكرٍ وكانت عندَ حفصةَ.

وقال بعضُ المتأخِّرِينَ من أهلِ العلم بالقرآنِ: تدبَّرْتُ وُجُوهَ الاختلافِ في القراءةِ فوجدتُها سبعةً:

منها: ما تتغيَّرُ حركتُه ولا يزولُ معنَاه ولا صُورتُه، مثلَ: {هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} [هود: ٧٨]. و: (أطهرَ لكم) (٣). و: {وَيَضِيقُ صَدْرِي} [الشعراء: ١٣]، و: (يَضِيقَ صَدْرِي) (٤). ونحوَ هذا.


(١) سلف تخريجه قبل قليل.
(٢) سلف تخريجه.
(٣) وهي من القراءات الشاذّة، ونُسبت إلى الحسن البصريّ، وزيد بن عليّ، وعيسى بن عمر الهمداني، وسعيد بن جُبير، ومحمد بن مروان السُّديّ كما في معاني القرآن وإعرابه للزَّجاج ٣/ ٦٨، وإعراب القرآن للنحاس ٢/ ١٧٨، والمحتسب في تبيين وجوه شواذّ القرآن لابن جنّي ١/ ٣٢٥، ونقلوا عن سيبويه أنه ذكر هذه القراءة وقال: "احتبى ابنُ مروان في لحنه"؛ يعني: تربَّع. وقال الزَّجاج: وليس يُجيز أحدٌ من البصريين وأصحابهم نصب "أطهر"، ويُجيزها غيرهم". وما نقلوه عن سيبويه ليس في الكتاب، له، وعزا أبو حيّان هذا القول لأبي عمرو بن العلاء، وأضاف: "ورُويت هذه القراءة عن مروان بن الحكم" ينظر: البحر المحيط ٦/ ١٨٧.
(٤) وبها قرأ يعقوب الحضرميّ، وقر الباقون برفعها. ينظر: النشر في القراءات العشر لابن الجزري ٢/ ٣٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>