للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا ما في سُورةِ "الفُرْقَانِ" مِن الحروفِ التي بأيدِي (١) أهلِ العلم بذلك، واللهُ أعلمُ؛ ما أنكرَ منها عُمَرُ على هشام بنِ حكيم، وما قرَأ به عُمرُ، وقد يُمكنُ أن يكونَ هناكَ حُروفٌ لم تصلْ إلينا، وليسَ كُلُّ مَن قرَأ بحرفٍ نُقِلَ ذلك عنه وذُكِرَ، ولكنْ إنْ فاتَ من ذلك شيءٌ فهو اليسيرُ النَّزْرُ، وأمَّا عُظْمُ الشيء ومتْنُه وجملتُه، فمنقولٌ محكيٌّ عنهم، فجزاهُم اللهُ عن حفظِهم علينا الحروفَ والسُّنَنَ بأفضلِ الجزاءِ وأكْرَمِه عندَه برحمتِه (٢).

وفي هذا الحديث: ما يدلُّ على أنَّ في جِبلَّةِ الإنسانِ وطبعِه أنْ يُنكِرَ ما عرَفَ ضدَّه وخلافَه، وجهِلَه، ولكنْ يجِبُ عليه التَّسليمُ لِمَنْ عَلِمَ.

وفيه: ما كان عليه عُمرُ منَ الغضبِ في ذاتِ الله جلّ وعزّ، وأنَّه كان لا يُبالي قريبًا ولا بعيدًا فيه، وقد كان كثيرَ التَّفضيلِ لهشام بنِ حكيم بنِ حزام، ولكنْ إذْ سمِعَ منه ما أنكرَه، لم يُسَامحه حتى عرَفَ مَوْضعَ (٣) الصَّوابِ فيه، وهذا يجبُ على العالم والمتعلِّم في رفقٍ وسكون. وممَّا يدلُّكَ على موضعِ هشام عندَ عُمرَ: ما ذكَره ابنُ وَهْبٍ وغيرُه، عن مالكٍ، قال: كانَ عُمرُ بنُ الخطابِ إذا خشِيَ وُقوعَ أمرٍ قال: أمَّا ما بَقِيتُ أنا وهشامُ بنُ حكيم بنِ حزام فلا (٤).


(١) في ج: "في أيدي".
(٢) خلط المؤلف هنا بين القراءات وبين الحروف السبعة وغيرها من قراءات الشواذّ، مع أنه رجّح أنّ الأحرف السبعة هي غيرُ القراءات، وهو المذهب الصحيح، إذ الذي وصل إلينا منها هي قراءة واحدة، والله أعلم.
(٣) في ف ٢: "وقع".
(٤) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى، الجزء المتمّم ص ٢٣٦ (١٣٠) عن معن بن عيسى القزّاز عن مالك بن أنس، به. وإليه عزاه الحافظ ابن حجر في الفتح ٩/ ٢٥، وينظر: تهذيب الكمال والتعليق عليه ٣٠/ ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>