للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالت عائشةُ رَحِمَ اللهُ نِساءَ الأنْصارِ، لم يَمنَعْهنَّ الحياءُ أن يَسألْن عن أمْرِ دينِهنَّ (١).

وأمُّ سُلَيْم من فاضِلاتِ نِساءِ الأنْصارِ، وقد ذكَرْناها في كتابِنا في "الصحابةِ" (٢)، فأغْنَى عن ذِكْرِها هاهنا.

وكلُّ امرأةٍ فعليها فرْضًا أن تَسْألَ عن حكم حَيضَتِها وغُسْلِها ووُضُوئِها وما لا غِناءَ بها عنه من أمْرِ دينِها، وهي والرجلُ فيما يَلْزَمُها من فرائِضهما سَواءٌ.

وفيه أيضًا دليلٌ على أن ليس كلُّ النساءِ يَحْتلِمْنَ؛ ولهذا ما أنكَرت عائشةُ وأمُّ سَلَمَةَ سُؤال أُمِّ سُلَيْم، وقد يوجَدُ عدَمُ الاحتلام في بعضِ الرِّجالِ، إلَّا أنَّ ذلك في النساءِ أوجَدُ وأكثرُ منه في الرِّجال.

وقد قيل: إنَّ إنكارَ عائشةَ لذلك إنَّما كان لصِغَرِ سنِّها وكونِها مع النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - (٣)، فلذلك لم تَعْرِفْ الاحتلامَ؛ لأنَّ الاحتلامَ لا تَعْرِفُه النِّساءُ ولا أكثرُ الرِّجالِ إلَّا عندَ عَدَم الجِماع بعدَ المَعْرِفَةِ به، فإذا فقَد النساءُ أزْواجَهنَّ رُبَّما احْتَلَمْنَ. والوَجْهُ الأوَّلُ عندي أصحُّ؛ لأنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قد فقَدَتْ زَوْجَها وكانت كبيرةً عالمةً بذلك، فأنْكَرت منه ما أنكَرت عائشةُ، على ما مَضَى في حديثِ قتادةَ، عن أنسٍ، في هذا البابِ (٤)، وإذا كان في الرِّجالِ من لا يَحْتَلِمُ فالنِّساءُ أحْرَى بذلك. واللهُ أعلم.

وفيه جوازُ الإنكارِ والدُّعاءِ بالسُّوءِ على المُعْتَرِضِ فيما لا عِلْمَ له به.


(١) أخرجه أحمد في المسند ٤٢/ ٧٢ - ٧٣ (٢٥١٤٥)، ومسلم (٣٣٢)، وأبو داود (٣١٦)، وابن ماجة (٦٤٢) من حديث صفية بنت شيبة عنها رضي الله عنها.
(٢) وهي أم سُليم بنت ملحان بن خالد من بني النّجار، واختُلف في اسمها كما ذكر في الاستيعاب ٤/ ١٩٤٠ (٤١٦٣)، فقيل: اسمها سهلة، وقيل: رميلة، وقيل: رميثة.
(٣) في ف ٢، ج، م: "زوجها"، والمثبت من الأصل.
(٤) السالف تخريجه قبل قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>