للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه: أنَّ الشَّبَهَ في بَني آدَمَ إنَّما يكونُ من غَلَبةِ الماءِ وسَبْقِه ونُزولِه، واللهُ أعلمُ. ومِن هاهنا قالوا: إذا غلَب ماءُ المرأةِ أشْبَهَ الغلامُ أخْوالَه وأُمَّه، وإنْ غلَب ماءُ الرَّجُلِ أشْبَهَ الوَلَدُ أباه وأعمامَه وأجدادَه.

وأمَّا قولُه في الحديثِ: "أُفٍّ لَكِ". فقال أبو عُبَيْدَةَ (١): تُجرُّ وتُرفعُ وتُنصبُ بغيرِ تَنْوِينٍ، وهو ما غَلُظَ من الكلام وقَبُحَ.

وقال غيرُه: يجوزُ صَرفُها وتَركُ صَرْفِها، ومَعْناها أن تقالَ جَوابًا لما يُستَثقَلُ من الكلام ويُضْجَرُ منه. قال: والأُفُّ والتُّفُّ بمعنًى واحد (٢). وقال غيرُه: الأُفُّ وسَخُ الأُذُنين، والتُّفُّ وسَخُ الأظفارِ (٣).

وأمَّا قولُه: "تَرِبَتْ يَمِينُكِ". ففيه قَوْلانِ؛ أحدُهما، أن يكونَ أراد: اسْتَغْنَتْ يَمِينُكِ. كأنَّه يُعرِّضُ لها بالجَهْلِ بِمَ أنْكَرَتْ، وأنَّها كانت تَحتاجُ أن تَسألَ عن ذلك، وكأنَّه خاطَبَها بالضِّدِّ تَنْبِيهًا، كما تقولُ لمن كفَّ عن السُّؤالِ عمَّا لا يَعْلَمُ: أمَّا أنتَ فاسْتَغنَيتَ عن أن تَسألَ؛ أي: لو أنصَفتَ نفسَكَ ونصَحتَها لسألتَ.

وقال غيرُه: هو كما يقالُ للشاعِرِ إذا أجادَ: قاتَلَه اللهُ وأخْزاه، لقد أجادَ. ومنه قولُه: "وْيلُ أمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ" (٤). فقال: "ويلُ أمِّه". وهو يريدُ مَدْحَه، وهذا


(١) في مجاز القرآن، له ١/ ٣٧٤.
(٢) وهذا قاله محمد بن عُزير السجستاني في غريب القرآن، له، والمسمّى بنزهة القلوب، ص ٩٣.
(٣) يُعزى هذا القول للأصمعي كما في الزاهر في معاني كلمات الناس لابن الأنباري ١/ ١٨، وتهذيب اللغة للأزهري ١٤/ ١٨١ و ١٥/ ٤٢٢.
وقد ذكر أوجه الاختلاف في هذه الكلمة والقراءة بها - في سياق شرح معاني الآية الواردة في سورة الإسراء، الآية (٢٣) - الفرّاء في معاني القرآن ٢/ ١٢١.
(٤) جزء من حديث طويل في قصّة الحديبية، أخرجه أحمد في المسند ٣١/ ٢٤٣ - ٢٥٣ (١٨٩٢٨)، والبخاري (٢٧٣١)، وأبو داود (٢٧٦٥) من حديث عروة بن الزُّبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم رضي الله عنهما. =

<<  <  ج: ص:  >  >>