للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروَى هذا الحديثَ الليثُ، عن عُقَيْلٍ، عن ابنِ شِهَابٍ، بهذا الإسْنادِ، مثلَه سواءً، إلَّا أنَّه لم يذْكُر فيه نَهيَ عمرَ عن التَّمَتُّع. وقد ذكرنا في بابِ ابنِ شهابٍ، عن عروةَ، اختِلافَ الآثارِ فيما كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - به في خاصَّتِه مُحْرِمًا في حَجَّتِه، وذكَرْنا مذاهِبَ العلماءِ في الأفضلِ مِن ذلك، ولا خِلافَ عَلِمْتُه بينَ علماءِ المسلمين في جوازِ التَّمَتُّع بالعمرةِ إلى الحجِّ.

وفي هذا الحديثِ ذِكْرُ التَّمَتُّع بالعمرةِ إلى الحجِّ، وذلك عندَ العلماءِ على أربعةِ أوجهٍ؛ منها ما اجْتُمِع على أنَّه تَمَتُّعٌ، ومنها ما اخْتُلِف فيه.

فأمَّا الوجهُ المجْتَمَعُ على أنَّه التَّمَتُّعُ المرادُ بقولِ الله عزَّ وجلَّ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦]. فهو الرجلُ يُحْرِمُ بعُمْرَةٍ في أشْهُرِ الحَجِّ؛ وهي شَوَالٌ، وذُو القَعْدَةِ، وعَشْرٌ مِن ذي الحِجَّةِ. وقد قيل: ذو الحِجَّةِ كلُّه. فإذا أحْرَمَ أحدٌ (١) بعمرؤ في أشهرِ الحَجِّ، وكان مَسْكَنُه مِن وراءِ الميقاتِ مِن أهلِ الآفاقِ، ولم يكنْ مِن حاضِري المسجدِ الحرام.

وحاضرُو المسجدِ الحرام عندَ مالِكٍ وأصْحابِه هم أهلُ مكَّة وما اتَّصَل بها خاصَّةً (٢).

وعندَ الشافعيِّ وأصحابِه هم مَن لا يَلْزَمُه تَقْصِيرُ الصلاةِ مِن مَوْضِعِه إلى مكةَ، وذلك أقْرَبُ المواقِيتِ (٣).


(١) "أحد" لم ترد في الأصل.
(٢) ينظر: المدوّنة ١/ ٤٠١، قال: "إنما هم أهل مكّة وذي طُوًى لا غيرُهم، وما كان مثل ذلك من مكة" وينظر: بداية المجتهد لابن رشد ٢/ ٩٨.
(٣) نصَّ على ذلك في الأم ٢/ ١٥٧، وينظر: حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء لأبي بكر الشاشيّ القفّال ٣/ ٢٢١ - ٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>