للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندَ أبي حنيفةَ وأصْحابِه هم أهلُ المواقيتِ ومَن وراءَها مِن كلِّ ناحيَةٍ، فمَن كان مِن أهل تلك المواقيتِ، أو مِن أهلِ ما وراءها، فهم مِن حاضري المسجدِ الحرام (١).

وعندَ غيرِ هؤلاء هم أهلُ الحرم.

وعلى هذه الأقاوِيلِ الأربعةِ مذاهِبُ السلفِ في تَأويلِ قولِ الله عزَّ وجلَّ: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٦]. فمن كان أهلُه من (٢) حاضري المسجدِ الحرامِ فليس له التَّمَتُّعُ بالعمرةِ إلى الحجِّ، ولا يكونُ مُتَمَتِّعًا أبدًا. أعْني التَّمَتُّعَ الموجِبَ للهَدْي، ما كان هو وأهلُه كذلك، ومَن لم يكنْ أهْلُه حاضرِي المسجدِ الحرام، فخرَج مِن مَوْضعِه مُحْرمًا بعمرةٍ في أشهرِ الحجِّ، أو أحْرَم بها مِن مِيقاتِه، وقَدِم مكةَ مُحْرِمًا بالعُمْرَة، فطاف لها، وسَعَى، وحَلَّ بها في أشهرِ الحجِّ، ثم أقام حَالًّا (٣) بمكةَ إلى أن أنْشَأ الحجَّ منها في عامِه ذلك قبلَ رُجوعِه إلى بَلَدِه، وقبلَ خُروجِه إلى مِيقاتِ أهلِ ناحِيَتِه، فهو مُتَمَتِّعٌ بالعمرةِ إلى الحجِّ، وعليه ما أوْجبه اللهُ على مَن تَمَتَّع بالعمرةِ إلى الحجِّ؛ وذلك ما اسْتَيْسَر مِن الهَدْي، يَذْبَحُه لله، ويُعْطِيه المساكينَ بمنًى أو بمكةَ، فإن لم يَجِدِ الهَدْيَ صام ثلاثةَ أيام في الحجِّ وسبعةً إذا رَجَع إلى بلَدِه، والثلاثةُ الأيام في الحجِّ آخِرُها يومُ عرفةَ، فإن صامَها مِن حِينِ يُحرِمُ بحَجِّه إلى يومِ النَّحْرِ فقد أدَّى ما عليه مِن صيام أيَّام الحَجِّ، وإن فاتَه ذلك فليس له صِيامُ يوم النحرِ بإجْماع مِن علماءِ المسلمين، نَقْلًا عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.


(١) ينظر: الأصل المعروف بالمبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني ٢/ ٥٢٠ - ٥٣٣، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ١٠٢.
(٢) سقط حرف الجر من م.
(٣) في م: "حلالًا"، والمثبت من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>