للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن ظَنَّ ظانٌّ أنَّ مَعْنَى حديثِ مالِكٍ، عن عبدِ الله بنِ دينارٍ، عن عبدِ الله بنِ عمرَ قال: مَن اعْتَمَر في أشهرِ الحَجِّ؛ شَوَّالٍ، أو ذي القَعْدَةِ، أو ذي الحِجَّةِ، قبلَ الحَجِّ، فقد اسْتَمْتَع، ووَجَب عليه الهَدْيُ، أو الصيامُ إن لم يَجِدْ هَدْيًا (١). كمَعْنَى ما روُي عن الحسنِ في إيجابِ الهَدْي على مَن اعْتَمَر في أشْهُرِ الحَجِّ وإن لم يَحُجَّ، فليس كما ظَنَّ، ولا يُعْرَفُ ذلك مِن مَذْهَبِ ابنِ عُمَرَ.

وفي قوله في هذا الحديثِ: "قبلَ الحَجِّ" دليلٌ على أنَّه حَجَّ، ولذلك قال فيه: فقد استمْتَعَ، ووجَب عليه الهديُ. وهذا هو المعروفُ من مذهب ابنِ عمرَ، وكذلك فَسَّرَه مالكٌ في "الموطأ"، فقال بأثْرِ حديثه ذلك: قال مالكٌ: وذلك إذا أقام حتى الحجِّ ثم حَجَّ.

وذكَر إسماعيلُ بنُ إسحاقَ القاضي، قال: حدَّثنا إبراهيمُ بنُ حمزةَ الزُّبَيْري، قال: حدَّثنا عبدُ العزيزِ بنُ محمدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عن عبيدِ الله بنِ عُمَرَ، عن نافع، عن ابنِ عمرَ، أنَّه كان يقولُ: مَن اعْتَمَر في أشْهُرِ الحجِّ؛ شَوَّالٍ، أو ذي القَعْدَةِ، أو ذي الحِجَّةِ، ثم أقامَ حتى يَحُجَّ، فهو مُتَمَتِّعٌ، عليه الهَدْيُ، أو الصيامُ إن لم يَجِدْ هَدْيًا (٢).

قال إسماعيلُ: وحدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ، قال: حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زيدٍ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيدِ بنِ المسَيِّبِ، أنَّه قال: إذا اعْتَمَر الرجلُ في أشْهُرِ الحَجِّ، ثم رجَعَ إلى أهْلِه، ثم حَجَّ مِن عامِه، فليس عليه هَدْيٌ (٣). وعلى هذا جماعَةُ العُلَماء على ما قَدَّمْنا.


(١) الموطأ ١/ ٤٦٢ (٩٨٠).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٣١٥٩) عن أبي خالد الأحمر سليمان من حيّان، عن يحيى بن سعيد الأنصاريّ، به.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٥٦٣٣) عن وكيع بن الجراح، عن سفيان الثوري، عن جابر بن يزيد الجعفي، عنه. وإسناده ضعيف لضعف جابر الجعفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>