للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّبَرْ (١)، وعَفا الأثَرْ، وانْسَلَخ صفَرْ - أو قالوا: دخَلَ صفَرْ - حلَّت العُمرَةُ لمن اعتَمَرْ؛ ذكره ابنُ أبي شيبة، عن أبي أُسامة، عن وُهيْب، عن ابنِ طاوُوس، عن أبيه، عن ابنِ عباس (٢).

قال أبو بكر بنُ أبي شيبةَ: وحدَّثنا يحيى بنُ آدَم، قال: حدَّثنا وهَيْب، قال: حدَّثنا عبدُ الله بنُ طاووس، عن أبيه، عن ابنِ عباس، قال: كان أهلُ الجاهليَّة يرَوْن أنَّ العُمرةَ في أشهرِ الحجِّ مِن أفجرِ الفُجورِ، وكانوا يُسَمُّونَ المحرَّمَ صَفَرًا، وكانوا يقولون: إذا برَأ الدَّبَرْ، وعَفا الأثَرْ، وانسَلَخ صَفَر، حلَّتِ العمرةُ لمن اعتَمَر. فقَدِم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه صَبِيحَةَ رابعَة، فأمَرَهم أن يجعَلوها عمرة، فقالوا: يا رسولَ الله، أيُّ الحلِّ؟ قال: "الحلُّ كلُّه".

ففي هذا دليلٌ على أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - إنَّما فسَخ الحجَّ في العمرةِ ليُريَهم أنَّ العُمرةَ في أشهرِ الحجِّ لا بأْسَ بها، وكان ذلك له ولمن معه خاصَّةً؛ لأنَّ اللهَ قد أمرَ بإتمام الحجِّ والعُمرةِ كلَّ مَن دخَل فيهما أمْرًا مُطلَقًا، ولا يجبُ أن يُخالَفَ ظاهِرُ كتابِ الله إلَّا إلى ما لا إشْكالَ فيه، مِن كتابٍ ناسِخ، أو سُنَّةٍ مُبيِّنة.


= قلنا: ولا يخفى ما في هذا التأويل من تكلُّفٍ، وما ذكره النَّوويّ وغيره من إجماع الشُّراح وأهل اللغة غُنية عن هذا. على أنَّ كثيرًا من النساخ المتقنين في القرون الأولى كانوا يضعون التنوين على آخر الحرف من غير إلحاق ألف قائمة، وهو مشاهد في كثير من المخطوطات التي عانيناها. وينظر: عمدة القاري للعيني ٩/ ١٩٩، وإرشاد الساري للقسطّلاني ٣/ ١٣١، واللسان مادة (صفر).
(١) الدَّبَرُ: الجرح الذي يكون على ظهر البعير، ينظر: فتح الباري لابن حجر ١/ ١١٥ - ١١٦.
(٢) أخرجه النسائي في المجتبى (١٨١٣)، وفي الكبرى ٤/ ٧٦ (٣٧٨١) عن عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى الكوفي، عن أبي أسامة حمّاد بن أسامة، به.
وأخرجه أحمد في المسند ٤/ ١٣١ (٢٣٢٧٤)، والبخاري (١٥٦٤)، ومسلم (١٢٤٠) من طرفي عن وُهيب بن خالد، به.
وسيأتي سناد المصنِّف من طريق النسائي وغيره في أثناء شرح الحديث الموفي أربعين ليحيى بن سعيد عن عَمرة إن شاء الله تعالى مع مزيد تخريج وكلام عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>