للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا جماعَةُ فقهاء الحجازِ، والعراق، والشام، كمالك، والثوريّ، والأوزاعيِّ، وأبي حنيفة، والشافعي، وأصحابِهم، وأكثرُ علماء التابعين، وجمهورُ فقهاء المسلمين، إلَّا شيءٌ يُروى عن ابنِ عباسٍ وعن الحسنِ البصريِّ، وبه قال أحمدُ بنُ حنبل. قال أحمدُ بنُ حنبل: لا أرُدُّ تلك الآثارَ المتَواتِرةَ الصِّحاحَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في فَسْخ الحجِّ في العُمرَةِ بحديثِ الحارثِ بنِ بلال، عن أبيه، وبقولِ أبي ذر. قال: ولم يُجمِعوا على ما قال أبو ذَرٍّ، ولو أجمَعوا كان حُجَّة. قال: وقد خالَفَ ابنُ عباسِ أبا ذَرٍّ ولم يجعَلْه خُصُوصًا (١).

وذكر عن يحيى القطَّان، عن الأجْلَح (٢)، عن عبدِ الله بنِ أبي الهُذيْل، قال: كنتُ جالسًا عندَ ابنِ عباس، فأتاه رجلٌ يَزْعُمُ أنَّه مُهِلٌّ بالحجِّ، وأنَّه طاف بالبيتِ وبالصَّفا والمروة، فقال له ابنُ عباس: أنت مُعْتَمِر، فقال له الرجلُ: لم أُرِدْ عمرة، فقال: أنتَ مُعتَمِر.

وروى ابنُ أبي مُلَيكَة، عن عروةَ بنِ الزبير، أنَّه قال لابنِ عباس: أضْلَلَتَ الناسَ. قال: وما ذاك؟ قال: تُفْتي الناسَ إذا طافوا بالبيتِ فقد حلُّوا، وقال أبو بكر وعُمَر: مَن أحْرَم بالحجِّ لم يزَلْ مُحرِمًا إلى يوم النَّحْر، فقال ابنُ عباس:


(١) ونحو هذا نقل أبو داود في مسائل الإمام أحمد روايته، ص ٤٠٨ (١٩١٨) قال: "قلت لأحمد: حديثُ بلال في الحارث في فسْخ الحجِّ؟ قال: مَن بلالُ بنُ الحارث؟! أو قال: الحارثُ بن بلال؟! ومَن روى عنه؟! وليس يصحُّ حديثٌ في أنّ الفسْخَ كان لهم خاصَّةٌ، وهذا أبو موسى يُفتي في خلافة أبي بكر وصدْرٍ من خلافةِ عمرَ".
وكذا نقل ابنه عبد الله عنه في مسائل الإمام أحمد روايته، ص ٢٠٤ (٧٥٨): "قلت لأبي: فحديث بلال بن الحارث المُزني في فسخ الحج؟ قال: لا أقول به، قال أبي: لا نعرف هذا الرَّجل، ولم يروه إلّا الدراوردي، هذه الأحاديث أحبُّ إليّ". وينظر: موسوعة أقوال الإمام أحمد ٤/ ٣٧٤ (٤٢٠٥)، والمغني لابن قدامة ٣/ ٣٦٠.
(٢) هو الأجلخ بن عبد الله الكندي، أبو حجيّة الكوفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>