للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكلُّ خبرٍ جاء عن رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيه نهيٌ، فالواجبُ استعمالُه على التحريم، إلّا أن يأتيَ معه أو في غيرِه دليلٌ يبيِّنُ المرادَ منه أنّه ندبٌ وأدبٌ، فيُقضَى للدليل فيه، ألا ترَى إلى نهي رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن نكاح الشِّغار، وعن نكاح المحرِم، وعن نكاح المرأةِ على عمَّتِها أو خالتِها، وعن قليلِ ما أسكَر كثيرُه من الأشربة، وعن سائرِ ما نهى عنه من أبوابِ الرِّبا في البيوع، وهذا كلُّه نهيُ تحريم، فكذلك النَّهيُ عن أكلِ كلِّ ذي نابٍ من السِّباع، واللَّهُ أعلم.

وقد اختلف أصحابُنا في ذلك على ما سنُبيِّنُه في آخرِ هذا الباب إن شاء اللَّه.

ومما يدُلُّ على أنَّ ما رواه إسماعيلُ بنُ أبي حكيم، عن عَبيدةَ بنِ سفيان، عن أبي هريرةَ في هذا الحديثِ كما رواه، ما حدَّثني به أبو عثمانَ سعيدُ بنُ نصر، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ وَضّاح، قال: حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبة، قال (١): حدَّثنا حسينُ بنُ عليٍّ، عن زائدة، عن محمدِ بنِ عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حرَّمَ يومَ خيبرَ كلَّ ذي نابٍ من السِّباع، والمُجثَّمة، والحمارَ الأهليَّ.

قال أبو عُمر: وأمّا ما جاء من النهي على جهةِ الأدب، وحُسنِ المعاملة، والإرشادِ إلى البرِّ، فنهيُه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أنْ يَمشيَ المرءُ في نعْلٍ واحدة (٢)، وأن يَقرنَ


(١) في المصنَّف مقطّعًا (٢٠٢١٢) و (٢٠٢٢٧). وأخرجه الترمذي (١٧٩٥)، والبيهقي في الكبرى ٩/ ٣٣١ (١٩٩٤٧) من طريقين عن حسين بن عليّ الجُعفيّ، به.
وأخرجه أحمد في المسند ١٤/ ٣٩٣ (٨٧٨٩) من طريق زائدة بن قدامة، به. وهو حديث صحيح، وهذا إسنادٌ حسن لأجل محمد بن عمرو: وهو ابن علقمة بن وقّاص الليثي، فهو حسن الحديث، وباقي رجال إسناده ثقات.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٥٠٢ (٢٦٥٩)، ومن طريقه البخاري (٥٨٥٦)، ومسلم (٢٠٩٧) من طريق أبي الزِّناد عبد اللَّه بن ذكوان، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، وهو الحديث التاسع عشر لأبي الزناد، وسيأتي مع تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه إن شاء اللَّه تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>