للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بينَ تَمرتينِ في الأكل (١)، وأن يأكلَ من رأسِ الصَّحفة (٢)، وأن يشربَ من في السِّقاء (٣)، وغيرُ ذلك مثلُه كثيرٌ، قد عُلمَ بمخرجِه المرادُ منه.

وقد قال جماعةٌ من أهلِ العلم: إنَّ كلَّ نهي ثبَت عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في شيءٍ من الأشياء، ففعَله الإنسانُ مُنتهِكًا لحرمتِه، وهو عالمٌ بالنَّهي، غيرُ مضطرٍّ إليه، أنّه عاصٍ آثمٌ. واستدلُّوا بقولِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا نهَيتكم عن شيءٍ فانتَهوا عنه، وإذا أمَرتُكم بشيءٍ فخُذوا منه ما استَطَعْتُم" (٤). فأطْلَق النهيَ ولم يُقيِّدْه بصِفَة، وكذلك الأمرُ لم يُقيِّدْه إلّا بعدم الاستِطاعَة، فقالوا: إنَّ من شَرِب من في السِّقاء، أو مَشَى في نَعلٍ واحدة، أو قَرَن بينَ تمرتين في الأكْل، أو أكَلَ من رأسِ الصَّحْفة، ونحوَ هذا، وهو عالمٌ بالنهي، كان عاصيًا.


(١) أخرجه البخاري (٢٤٥٥) و (٢٤٩٠)، ومسلم (٢٠٤٥) من حديث جبلة بن سُحيم، عن عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما، وفيه: "وكنّا نأكل فيمُرُّ علينا ابن عمر ونحن نأكل فيقول: لا تُقارنوا! فإنّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن الإقران، إلّا أن يستأذِنَ الرَّجُل أخاه".
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٤/ ٤٦٣ (٢٧٣٠)، وأبو داود (٣٧٧٢)، وابن ماجة (٣٢٧٧)، والترمذي (١٨٠٥)، والنسائي في الكبرى ٦/ ٢٦٤ (٦٧٢٩) من طريق عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "إذا أكل أحدُكم طعامًا، فلا يأكلْ من أعلى الصَّحْفة، ولكن ليأكُلْ من أسفلها، فإنّ البركةَ تنزلُ من أعلاها" لفظ أبي داود، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
(٣) أخرجه أحمد في المسند ١٢/ ٦٦ (٧١٥٣)، والبخاري (٥٦٢٨) من حديث عكرمة مولى ابن عباس، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: "نهى رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يُشْرَبَ مِنْ في السِّقاء".
وأخرجه أحمد في المسند ٤/ ٥٧ (٢١٦١)، والبخاري (٥٦٢٩)، وأبو داود (٣٧١٩)، والترمذي (١٨٢٥)، والنسائي في المجتبى (٤٤٤٨)، وفي الكبرى ٤/ ٣٦٧ (٤٥٢٢) من حديث عكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، باللفظ المذكور قبله.
(٤) سيأتي تخريجه في ٩/ ٢٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>