للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر ابنُ أبي شيبةَ، قال (١): حدَّثنا أبو أسامةَ، عن ابنِ عونٍ، عن محمدٍ، قال: ذُكِر له أنَّ عمرَ رجَع مِن الشام حينَ سَمِع أن بها وبَاءً، فلم يعرِفْه، وقال: إنَّما أُخبِر أنَّ (٢) الصائفَةَ لا تخرُجُ العامَ فرَجَع.

وفيه: أنَّ القاضِيَ والإمامَ والحاكِمَ لا يُنْفِذُ قَضاء ولا يفْصِلُه إلَّا عن مشُورَةِ مَن بحَضرتِه وَيصِلُ إليه وَيقْدِرُ عليه مِن علماءِ موضعِه. وهذا مشهورٌ مِن مذهَبِ عمرَ رضي اللهُ عنه.

ذكر سيفُ بنُ عمر (٣)، عن عبدِ الله بنِ المستَوْرِد، عن محمدِ بنِ سيرين، قال: عهِدَ عمرُ إلى القُضاةِ ألَّا يَصْرِمُوا القَضاء (٤) إلَّا عن مَشُورَةٍ، وعن ملأٍ وتَشَاوُر، فإنَّه لم يَبلُغْ مِن علْم عالِم أن يجتزئَ به حتى يجمَعَ بينَ علْمِه وعلم غيرِه. وتمَثَّل:

خَليليَّ ليس الرَّأيُ في صَدْرِ واحدٍ ... أشِيرا عليَّ اليومَ ما تَرَيانِ (٥)


(١) في المصنَّف (٣٤٥٤٣). وإسناده إلى محمد بن سيرين صحيح، أبو أسامة: هو حمّاد بن أسامة، وابن عون: هو عبد الله.
(٢) حرف التوكيد سقط من م، وهو ثابت في النسخ وفي مصنف ابن أبي شيبة.
(٣) هو التَّميميُّ البُرْجمي الكوفي، صاحب كتاب "الرِّدة والفتوح"، وهو متروك الحديث، قال عنه أبو حاتم الرازي: متروك يُشبه حديثه حديث الواقدي. وكذا نقل البرقاني عن الدارقطني. ينظر: تهذيب الكمال: ١٢/ ٣٢٤، وتحرير التقريب (٢٧٢٤).
(٤) أي: أن لا يقطعوا القول فيه ويبِتِّوا في أمره. يقال: صَرَم الشيءَ: قطعَه وصَرَم الرَّجلَ: قطع كلامه. الصحاح (صرم).
(٥) البيت في الحماسة البصْرية لعليّ بن أبي الفرج البصري ١/ ١٠٧ وعزاه لعُطارد بن قران الحنظلي، وعزاه ياقوت الحموي في معجم البلدان ٢/ ٤٦٢ لطهمان بن عمرو الدارمي، وقد ورد في عدَّة مصادر بلا نسبة لقائلٍ معيَّن. ينظر: الحيوان للجاحظ ٤/ ٣٦٣، والأمالي لأبي علي القالي ١/ ٤٤، وجمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري ١/ ١٢٦، ومحاضرات الأدباء للراغب الأصفهاني ١/ ٤٥.
ووقع في الحيوان للجاحظ بلفظ "رأي" بدل "صدر" كما عند الآخرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>