للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاءَتْ أحاديثُ ظاهِرُها في الهجرةِ على خلافِ هذا؛ منها حديثُ عبدِ الله بنِ وقْدَانَ القُرَشيِّ، وكان مُسْتَرْضَعًا في بني سعدٍ، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَنْقَطِعُ الهجرةُ ما قُوتِل الكفارُ". وروى ابنُ مُحيْريزٍ، عن عبدِ الله بنِ السَّعْدِيِّ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مثلَه (١). ومنها حديثُ معاويةَ، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تَنْقَطِعُ الهجرةُ حتى تَنْقَطِعَ التوبةُ، ولا تَنْقَطِعُ التوبةُ حتى تَطْلُعَ الشمسُ مِن مَغْربِها" (٢).

قال أبو جعفرٍ الطحاويُّ (٣): هذه الهجرةُ هِجرةُ المعاصي غيرَ الهجرَتَينِ الأُوليَينِ، كما روى الزهريُّ، عن صالح بنِ بَشِيرِ بنِ فُدَيْكٍ، قال: خرَج فُدَيْكٌ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رَسُولَ الله، إنَّهم يَزْعُمُون أنَّه مَن لم يُهَاجِرْ هَلُك،


(١) أخرجه أحمد في المسند ٣٧/ ١٠ (٢٢٣٢٤)، والبخاري في التاريخ الكبير ٥/ ٢٧ (٤٧)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٧/ ٤٣ (٢٦٣٢)، وابن حبّان في صحيحه ١١/ ٢٠٧ (٤٨٦٦)، والبيهقي في الكبرى ٩/ ١٧ (١٨٢٣٥) من طرقٍ عن عبد الله بن محيريز، به.
وقد نقل ابن عساكر في تاريخ دمشق ٣١/ ٣٠٤، والمزِّي في تحفة الأشراف ٦/ ٢٠٤ عن أبي زرعة قوله: "الحديث صحيح مثبتٌ عن عبد الله بن السَّعدي، كذا رواه الثقات الأثبات" وذكر منهم عبد الله بن محيريز.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٢٨/ ١١١ (١٦٩٠٦)، والبخاري في التاريخ الكبير ٩/ ٨٠ (٧٧٠)، وأبو داود (٢٤٧٩)، والنسائي في الكبرى ٨/ ٦٧ (٨٦٥٨)، والدارمي في سننه (٢٥١٣)، وأبو يعلى في مسنده ١٣/ ٣٥٩ (٧٣٧١)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٧/ ٤٥ (٢٦٣٤)، والطبراني في الكبير ١٩/ ٣٨٧ (٩٠٧)، وفي مسند الشاميِّين ٢/ ١٣٨ (١٠٦٤) و (١٠٦٥)، والبيهقي في الكبرى ٩/ ١٧ (١٨٢٣٤) من طرقٍ عن حريز بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عوف الجُرَشيّ، عن أبي هند البَجَليّ، عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.
وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي هند البَجَليّ فقد انفرد بالرواية عنه عبد الرحمن بن أبي عوف كما في التاريخ الكبير للبخاري ٩/ ٨٠ (٧٧٠)، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٩/ ٤٥٣ (٢٣١٢)، وقال الذهبي في المغني ٢/ ٨١٣: "لا يُعرف ولكن احتجَّ به النسائي على قاعدته".
ينظر: تحرير التقريب (٨٤٢٧).
(٣) في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٣٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>