(٢) اختلفت أقوال الحفّاظ من أهل الحديث وشروحه في ذلك اختلافًا بيِّنًا على ما سنذكره، فقد قال القاضي عياض في إكمال المعلم ٥/ ١٩٠: "وأكثر ما جاء أنه من قول الزُّهريّ". ولكنه رجَّح في المشارق ٢/ ٣٦٧ أنه من قول سعد بن أبي وقاص راوي الحديث، فقال: "القائل: يرثي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، سعد بن أبي وقاص راوي القصَّة، وكذا جاء مبيَّنًا في كتاب الأدعية، وقيل: بل قائله الزُّهريُّ، والأوّلُ أصحُّ". وذكر هذا القول الخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل ١/ ٧٢ دون أن يشير إلى مَن أدرجه. وقال ابن بطال في شرح صحيح البخاري ٣/ ٢٧٨: "من قول سعدٍ في بعض الطُّرق، وأكثر الطُّرق أنّه من قول الزُّهري، وليس هو من قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -". وكذا نقل الاختلاف في قائل هذا الكلام النَّوويُّ في شرح صحيح مسلم ١١/ ٧٩ بعد أن استبعد أنه من كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - وذكر ما قاله القاضي عياض. واضطرب كلام الحافظ ابن حجر في هذا، فقال في سياق شرحه للحديث (١٢٩٥) بعد ذكر رواية الطيالسي لهذا الحديث من رواية إبراهيم بن سعد عن الزُّهري، وفيها أن القائل: يرثي له ... إلى آخره، هو الزُّهري، قال: "ويؤيِّده أن هاشم بن هاشم وسعدَ بن إبراهيم رويا هذا الحديث عن عامر بن سعد، فلم يذكرا ذلك، وكذا في رواية عائشة بنت سعد عن أبيها". إلّا أنه ناقض قوله السابق في أول شرحه للحديث (٦٣٧٣)، فقال: "وقوله في آخره: رثى سعدٌ: رثى له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. يردُّ قول من زعم أنّ في الحديث إدراجًا، وأنّ قوله: يرثي له ... إلى آخره، من قول الزُّهري، متمسِّكًا بما ورد في بعض طُرقه، وفيه قال الزُّهريُّ ... إلى آخره، فإنّ ذلك يرجع إلى اختلاف الرُّواة عن الزُّهريّ، هل وصل هذا القدْرَ عن سعدٍ، أو قال من قِبَل نفسِه، والحُكمُ للوصل؛ لأنّ مع رُواتِه زيادة علم، وهو حافظٌ". وقال في موضع لآخر ٥/ ٣٦٥ بعد أن نقل كلام المصنِّف هنا، وعن ابن الجوزي أنه مدرجٌ من قول الزهري، قال: "قلت: وكأنهم استندوا إلى ما وقع في رواية أبي داود الطيالسي عن إبراهيم بن سعد عن الزُّهري، فإنّه فصَّل ذلك، لكن وقع عند المصنِّف في الدعوات (٦٣٧٣) عن موسى بن إسماعيل عن إبراهيم بن سعد في آخره: لكن البائسَ سعدُ بن خولة. قال سعدٌ: رثى له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... إلى آخره. فهذا صريحٌ في وصله، فلا ينبغي الجزم بإدراجه".